للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنَّنا لا نَدعو الله على وجه الاستِعْلاء، بل على وَجهِ الاستِضْعاف، نَستَضْعِف أنفسنا أمام الله عَزَّ وَجَلَّ.

وخرَج بقولنا: "بصِيغة المُضارع المَقرون بـ (لا) الناهِيةِ" خرَج به نحوُ قولِك: انتَهِ عن كذا، اجتَنِبْ كذا، هذا نَهيٌ لكِنه ليس نَهيًا اصطِلاحيًّا، بل هو أَمْر بالاجتِناب.

فلو قال لك قائِل: اجتَنِبِ الرِّجْس من الأوثان. فهذا أَمَر باجتِنابه الرِّجْس من الأوثان، لكن إذا قلت: لا تَقرَبِ الرِّجْس من الأوثان. صار نَهيًا.

فائدة: النهيُ المَعنويُّ غير النَّهيِ الاصطِلاحيِّ، {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: ٣٠] هذا ليس نهيًا اصطِلاحيًّا، فالنَّهيُ في الاصطِلاح هو طلَب الكفِّ على وَجْه الاستِعْلاء بصيغة المُضارع المَقرون بـ (لا) الناهِية، هذا تَعريفه عِند العُلَماء، أمَّا النَّهيُ بمَعنى العامِّ فهو ما دلَّ على نَهيٍ، حتى الاستِفْهام بمَعنى الإِنْكار يَدُلُّ على النهيِ، حتى لو قلت لواحِد فعَل شيئًا غيرَ مَرغوب فيه: أَتَفْعَل هذا؟ مع أنك مُستَفهِم الآنَ، لكنه مُتضَمِّن للنَّهيِ، نحن لا نَتكلَّم عن الاصطِلاح، تَعريفه اصطِلاحًا وارِد، ولَسْنا نَتَكلَّم عمَّا يُفيد النهيَ، {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ} لو قُلت: إن هذا نهيٌ. قلنا: غلَط، بل نَقول: هذا أَمْر بالاجتِناب.

فقوله: {نُهِيتُ} هذه صِيغة فِعْل ماضٍ، لكن ليسَت صِيغة نهيٍ، إخبار بأنه نُهي، فما صِيغة النَّهيِ؟ ! فالنهيُ بالصِّيغة المُصطَلَح عليه هو طلَب الكفِّ على وَجْه الاستِعْلاء بصيغة المُضارع المَقرون بـ (لا) الناهيةِ، هذا النهيُ، وأمَّا ما دلَّ على النهيِ بغير هذه الصِّيغةِ فهو لا يُسمَّى نَهيًا اصطِلاحًا، وإن كان نهيًا بالمَعنَى، ولكن ليس نَهيًا بالاصطِلاح.

وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} {أَنْ أَعْبُدَ} العِبادة

<<  <   >  >>