للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُهِمُّ: أنه جاءَه البَيِّنات من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأنتم تَرَوْن في القُرآن العزيز كلِمة البَيِّنات دائِمًا محَذوف مَوْصوفها، وذلك للعِلْم به، والشيء المَعلوم يَجوز حَذْفه كما قال ابنُ مالِكٍ في الألفية:

وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ ....................... (١)

وهذه قاعِدة عامَّة في كل شيء، ليس في المُبتَدَأ والخبَر فقَطْ، بل في كل شيء.

وقوله: {مِنْ رَبِّي} مُتعَلِّق بـ (جاءَ) أي: جاءَني من الله عَزَّ وَجَلَّ، ولكنه ذكَره باسمِ رُبوبية؛ لأن هذه رُبوبية خاصَّة يُربِّي بها الله عَزَّ وَجَلَّ أنبياءَه ورُسُله.

{وَأُمِرْتُ} مُقابِل: {نُهِيتُ}، {نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ} {وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} الآمِر الله، والأَمْر طلَب الفِعْل على وجه الاستِعْلاء بصيغة الأَمْر، أو غيرها مِمَّا يَدُلُّ على الأَمْر.

وقوله: {أَنْ أُسْلِمَ} {وأَنْ} مَصدَرية، و {أُسْلِمَ} فِعْل مُضارع مَنصوب بها، ومَعنى {أَنْ أُسْلِمَ}: أَستَسْلِم لربِّ العالمَين، والمُراد بالإسلام هنا الإسلام الشرعيُّ؛ لأنه هو الذي بِطاقتنا، وهو الذي يُمكِن أن نَفعَله أو لا نَفعَله، وهو الذي لا يَكون إلَّا من المُؤمِن.

أمَّا الإسلام الكَونيُّ فليس بطاقَتِنا ولا يُمكِنُنا أن نُدافِعه، ويَكون من المُؤمِن والكافِر.

إِذَنْ: يَتبيَّن لنا أن الإسلام يَأتِي على وَجْهين أو له مَعنَيَان:

المعنى الأَوَّل: الإسلام الكَونيُّ.


(١) الألفية (ص: ١٨).

<<  <   >  >>