للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المجادلة: ٨]، ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا" (١).

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: عُلوُّ الله عَزَّ وَجَلَّ، يُؤخَذ مِن قوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ}؛ لأن النُّزول لا يَكون إلَّا من أعلى.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ القُرآن كلام الله، لا كلامُ غيرِه؛ لقوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ}، وذلك أنَّ ما ذكَر الله أنه نزَّله يَنقَسِم إلى قِسْمين:

إمَّا أن يَكون أعيانًا قائِمة بنَفْسها، فهذه مَخْلوقة.

أو تَكون أَوْصافًا لا تَقوم إلَّا بالغَيْر، فهذا غير مَخْلوق.

مثال الذي أَضاف الله تعالى إنزالَه إلى نفسه، وهو عين قائِمة بنَفْسها، قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: ٢٥]، فالحَديد مَخْلوق، وقوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦]، أعيان قائِمة بنَفْسها مَخْلوقة، {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} [الأعراف: ٢٦]، مَخْلوق.

إِذَنْ: فما أَضاف الله تعالى مِن إنزاله إليه، وهو عين قائِمة بنَفْسه؛ فهو مَخْلوق، وإلَّا فهو غير مَخْلوق، والقُرآن هو كلام لا يَقوم إلَّا بالغير، إِذَنْ هو غير مَخْلوق.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: وصفُ القُرآن الكريم بالكِتاب، فلماذا وُصِف بالكتاب؟

نَقول: أوَّلًا: لأنه يُكتَب فهو مَكتوب بالمَصاحِف التي بأيدينا.

ثانيًا: أنه بصحُف بأَيْدي المَلائِكة: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} [عبس: ١٢، ١٣].


(١) أخرجه البخاري: كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره، رقم (٥٢٦٩)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>