للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائِل: قلنا: مِن عَدْل الله -عَزَّ وَجَلَّ - أنه لا يُعذِّب العِباد إلَّا بعد أن أَرسَل إليهم الرُّسل، في هذه الأيامِ هل هناك ضابِط للعُذْر بالجَهْل في الذين يَقَعون في الباطِل وعلى اعتِقادهم أن هذا صوابٌ؛ فهل يُعذَرون بجَهْلهم هذه الأيامِ؟

فالجوابُ: والله، قد يُعذَرون بجَهْلهم؛ لأن من العوامِّ مَن لا يَعرِف الحَقَّ إلَّا عن طريق ناس مُعيَّنِين، وهؤلاء الأناسُ المُعيَّنون مُنحَرِفون، فيُعذَرون، وربما أُناس في الغابات البَعيدة لا يَسمَعون إذاعاتٍ، ولا يَقرَؤُون صُحُفًا، ولا يَعرِفون شيئًا.

فإن قال قائِل: أَورَد بعض المُستَشْرِقين على قول الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٤] على أن هُناكَ فتَراتٍ بين الأنبياء.

فالجوابُ: لا، هذا غلَط؛ لأنه إذا جاء النَّذيرُ ليس مَعناه أن النَّذير يَبقَى نذيرًا ما دام حَيًّا فقَطْ، قد تَبقَى الرِّسالة، أليسَتْ رِسالةُ إسماعيلَ وإبراهيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بقِيَت في العرَب إلى قُرْب بعثة الرُّسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أوَّل ما دخَل الشِّرْك على العرَب من عَمرِو بنِ لُحيٍّ فهو متأخِّر.

<<  <   >  >>