للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى قِسْمين: قِسْم تُركَب، وقِسْم تُؤكَل ولا تُركَب. وعلى هذا تَكون {مِنْ} في المَوْضِعين للتَّبْعيض، وعلامة (مِنَ) الَّتي للتَّبعيض أن محلَّ مَحلَّها كلِمة (بَعْض)، فهُنا احذِفْ {مِنْ} وقُلْ: "لتَرْكَبوا بعضَها، وبعضَها تَأكُلون" يَستَقيم الكَلام، فهذه عَلامة (مِنَ) التَّبْعيضية، أن يَحِلَّ مَحلَّها كلِمة (بَعْض).

وقوله: {مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} هذا التَّقْسيمُ لا يَعنِي الانقِسامَ، بمَعنى أنه يُمكِن أن يُوجَد من الأنعام ما يُؤكَل وما يُركَب؛ مثل: الإِبِل؛ فإنها تُؤكَل وتُركَب.

وقوله: {وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [مِن الدَّرِّ والنَّسْل والوَبَر والصُّوف]، يَعنِي: والشَّعر، وغير ذلك من المَنافِع، كنَقْل البَضائِع وغيرها؛ ولهذا جاءَت كلِمة {مَنَافِعُ} جَمْع (مَنْفَعة) بصِيغة مُنتَهى الجُموع، وصِيغة مُنتَهى الجُموع ما كانَت على وَزْن (مَفاعِل) أو (مَفاعِيل).

قوله: {وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [هي حَمْل الأثقال إلى البِلاد] {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُون}.

قوله: {وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ} فسَّرَها المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ بأنها حَمْل الأثقال، ولكن الذي يَظهَر أنها غيرُ ذلك، وأنها قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ} يَعنِي: ما يَكون في قَلْب الإنسان من مَحبَّة الفَخْر والخُيَلاء وغيرها، وإن كانت هذه الحاجاتُ قد يَكون مَمنوعةً كالفَخْر والخُيَلاء، لكن لا شَكَّ أن هذه حاجة لكل إنسان، أنه يَجِد فرَحًا وسُرورًا إذا غَنِم كثيرًا من المَواشِي، من الإِبِل والبَقَر والغَنَم والظِّباء والأرانِب، وغيرها، يَجِد الإنسان لهذا طَعْمًا في نفسه، ويُمكِن أن يُقال أيضًا: ومن الحاجات في النَّفْس الاتِّجار

<<  <   >  >>