للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَستَطيع أن يَحمِله - قُلْنا له: اركَبْ، لأن هذه من المَنافِع، والله تعالى أَطلَق المَنافِع ما لم يَشُقَّ عليها، فإن شَقَّ عليها كان مَمنوعًا؛ لأن إيذاء الحَيوان محُرَّم.

فإن قال قائِل: بعض الناس يَستَخدِمون هذه الأنعامَ في ما يُسمَّى بالسِّيرك أو الألعاب البَهْلوانية، وما أَشبَه ذلك، مِمَّا يَكون فيه المُوسيقى وأَشياءُ أخرى، هل هَؤلاء الناس آثِمون؟

فالجوابُ: مِمَّا لا شَكَّ فيه أن استِعْمال هذه الحَيواناتِ فيما هو محُرَّم قصدًا أو ذاتًا؛ هذا لا يَجوز، حتى لو رَكِب هذه الأنعامَ ليَصِل إلى بلَد يُفعَل فيه الفواحِش، أو يُلعَب فيه القِمار؛ كان هذا حَرامًا.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: جَواز ما يَقَع في قَلْب العبد من الفرَح والسرور بهذه الأنعامِ؛ بشَرْط ألَّا يُؤدِّيَ ذلك إلى الكِبرياء والخُيَلاء، فما دام هذا الفرَحُ في نِطاق الأَمْر المُباح فإن الإنسان لا يُلام عليه، بل هو مِمَّا جعَله الله له.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: بَيان نِعْمة الله -عَزَّ وَجَلَّ- بحَمْلنا على هذه الأَنعامِ وعلى الفُلْك؛ يَعنِي: أن الله سَخَّر لنا ما نَركَبه في الماء وما نَركَبه في البَرِّ. وهنا تَسخير ثالِث حدَث بعد نُزول القُرآن، وهو ما نُحمَل عليه في الجوِّ، فيَكون الله -عَزَّ وَجَلَّ- أَنعَم علَيْنا بمَراكِبَ جَوِّيَّة وبَحرية وبَرِّيَّة.

<<  <   >  >>