للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَلَكُمْ الَّذِي شَرَطْتُ لَهُمْ مِنَ الأَجْرِ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالُوا: لَكَ مَا عَمِلنَا بَاطِلٌ، وَلَكَ الأَجْرُ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ فَقَالَ لَهُمْ: أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسيرٌ، فَأَبَوا فَاسْتَأْجَرَ قَوْماً أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقْيَّةَ يَوْمِهِم، فَعَمِلُوا بَقَيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيْقَينِ كِلَيْهِمَا، فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النَّورِ (١)». (٢) =صحيح

[فصل]

* هَذَا الْمَثَل ضَرَبَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلْيَهُودِ وَإِيْمَانهُمْ بِمُوسَى وَكُفْرِهِمْ بِعِيْسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَلِلنَّصَارَى وَإِيْمَانُهُمْ بِعِيْسَى وَكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَبِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَإِيْمَانُهُا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

* فَبَدَأ بِالْيَهُودِ بِقَوْلِهِ «اسْتَأْجَرَ قَوْماً يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلَا يَوْماً». وَالْمَعْنىَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَخَذَا الْمِيْثَاق عَلَى الْيَهُود بِالإِيْمَانِ بِهِ وَبِرُسُلِهِ «إِلَى اللَّيْلِ». أَيْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةٍ «فَعَمِلُوا لَهُ». وذلك إيْمَانُهُمْ بِهِ وَبِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام «إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ». وَهُوَ عَمَلُهُمْ مِنْ مَبْعَثِ مُوْسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى مَبْعَثِ عِيْسَى عَلَيهِ السَّلَام «فَقَالُوا». عِنْدَمَا دُعُوى للإِيْمَانِ بِعِيسَى: «لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا». وَذَلِكَ كُفْرهم بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ «وَمَا عَمِلنَا بَاطِلٌ» إِشَارَةٌ إِلَى إِحْبَاطِ عَمَلِهِمْ وَقَوْلُهُ «وَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ بَعْدَهُمْ». وَهُمُ النَّصَارَى «فَعَمِلُوا». بِإِيْمَانِهِمْ بِاللهِ وَبِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ «حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ». وَهُوَ


(١) النور: الإسلام.
(٢) البخاري (٢١٥١) باب الإجارة من العصر إلى الليل.

<<  <   >  >>