للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بي رشأ أصداغه كالأوراق

بل غصن من وشيه في أوراق

بل قمر من شعره في أغساق

فقلت:

أجفانه مثل جسوم العشاق

وقرطه مثل القلوب خفاق

يرمقنا شرراً فينفى الأرماق

فقال:

في خده ماء الجمال رقراق

عجبت منه شيم ذو إحراق

يريك خيلاناً حيال الأحداق

[قال علي بن ظافر]

واجتمعنا بالجامع، فرأينا غلاماً مائس العطف، ذابل الطرف، قد عانق أفعوان شعره غصن قده، وطابق بين مبيض وجهه ومسوده، فقلت فيه:

يارب ظبى عطر الأنفاس

يسكن قلبي بدل الكناس

وجنته تزهر كالنبراس

وشعره في قده المياس

مثل لواء لبني العباس

فقال: لو شبهته بعلم الخطيب، لا سيما إذا ذكرت حلوله بالجامع، ثم صنع فقال:

يا رب غصنٍ أهيفٍ رطيب

أنبته الحسن على كثيب

قام مقام الخاشع المنيب

يفتك في الجامع بالقلوب

وقده في شعره الغربيب

يميس مثل علم الخطيب

ثم قال: زد عليه فقلنا:

وشادنٍ ساجي اللحاظ أحور

فقال:

أبيض يحكيه قوام الأسمر

فقلت:

وقده تحت أثيث الشعر

فقال:

من فوق ردفٍ كالكثيب الأعفر

فقلت:

كعلم الخطيب فوق المنبر

[قال علي بن ظافر]

ولما أعرس ابن الأمير إياس المصري الأسدي بابنة الأمير سيف الدين أيار كوخ مقدم الأسدية، احتفل الأمراء والأجناد، وبلغوا في الحشد غاية الاجتهاد، وأبرزوا من ضروب آلات الحرب ما يفوق الوصف، ويروق الطرف، وظهرت من مرد المماليك بدور سماء الغبار، وغصون من زغفهم في غدران ومن سيوفهم بين أنهار، يسبون النواظر، بالقدود النواضر، ويستملكون الخواطر، بالثغور العواطر، فكانت أوقات ذلك الزفاف مشهورة مشهودة، وأيامه في أيام الأعياد المعدومة النظير معدودة، فخرجت أنا والشهاب لننظر ذلك الاحتشاد، ونتأمل تلك الظباء الظاهرة بزي الآساد، فقال:

نقبوا بالغبار وجه ذكاء ... ثم نابوا عن حسنها بالبهاء

فقلت:

وأرونا من سحر أعينهم منهم شموساً للنقع في ظلماء

فقال:

طاولوا بالنقا السماء اقتداراً ... وتبدوا من زغفهم في سماء

فقلت:

كل بدرٍ يسير تحت ثريا ... مغفرٍ خلف كوكب السمراء

<<  <   >  >>