للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحساب اليسير هو العرضُ، وهو أن تُعْرَض عليه أعمالُه ليَعلَمها ويَعلمَ رحمةَ الله له بالعفو عنه، كما في الصحيحين (١) عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يُلقِي كنَفَه على عبدِه المؤمن، ثمَّ يُقرِّره بذنوبه: فعلتَ يومَ كذا وكذا كذا وكذا، فيقول: نعم يا ربِّ، فيقول: إني سَترتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفِرُها لك اليومَ. وأما الكفّار والمنافقون فيُنادَى على رؤوس الخلائق: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود/ ١٨].

فحساب العرض والتعريف ليس هو المناقشة، وإنما المناقشة تكون عند الموازنة والمقابلة إذا وُزِنَتْ حسناتُه بسيئاتِه من غيرِ عفوٍ ولا مغفرةٍ.

ومثل هذا حديث حفصة (٢) لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النارَ أحدٌ بايعَ تحتَ الشجرة"، فقالت: أليس الله تعالى يقول: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} [مريم/ ٧٢]. فبيَّنَ أن هذا الورود ليس هو من الدخول المنفيّ، إذ هو المرور على الصراط، فهو إما أن لا يُسمَّى دخولًا، وإما أن لا يدخل في مطلق دخول النار.

فإذا كانت الأحاديث الصحيحة الخبرية والطلبية في الأصول والفروع لا يُعلَم منها حديثٌ أصابَ من عارضه أو خالف ظاهره بغير حديثٍ آخر، فكيف يكون القرآن؟

وهذا هو سِرُّ المسألة (٣) التي يستشكلها كثير من الناس من كلام


(١) البخاري (٢٤٤١) ومسلم (٢٧٦٨).
(٢) أخرجه مسلم (٢٤٩٦) عن أم مبشر الأنصارية.
(٣) في الأصل: "الملة".

<<  <  ج: ص:  >  >>