فهو سبحانه ليس له شِبْهٌ ولا له مِثلٌ بوجهٍ من الوجوه، إذ التماثل بوجهٍ من الوجوه منفيٌّ عن الله تعالى بالنصوص المتقدمة، وبالأمثال العقلية المضروبة التي أرشد إليها النصُّ، إذ لو حصلَ له مثلٌ في بعض الأمور لزِمَ الجوازُ والوجوب والامتناع من كل الوجه، فيلزم التناقُض والمحالات المتقدمة، وأما الاشتباه في بعض الأمور فلا يستلزم الاشتراك في الوجوب والجواز والامتناع، بل لا بدَّ منه بين كلِّ موجودين.
فمن فَهِمَ هذه المعاني الشريفة فهمَ ما بين الأسماء من التواطئ والافتراق، وما بين مدلولها من التباين والاشتباه، وعلمَ أن الله ليس له مِثلٌ ولا سَميٌّ، لا في نفسه ولا في شيء من صفاته ولا من أفعاله، ولا يُسمَّى أحدٌ بشيء من أسمائه أصلًا، وعلمَ أن المخلوق إذا سُمِّي بالأسماء التي تصير اسمًا لله إذا أضيفتْ إليه، فلم يُسَمَّ بأسماء الله ولا بمثل أسماء الله، ولا صار شيء من الأسماء سميًّا لله، ولكن الاسم الذي يكون اسمًا لله إذا سُمِّي الخلق به يصير اسمًا لهذا إذا سُمِّيَ به، وكونُه يصير اسمًا له إذا سُمِّي به لا يُوجب كونه سميًّا له، وإنما لأجل ما في اللفظين من التواطئ دلَّا على معنًى مشترك، وهو ما بين الحقيقة من تشابه في معنى الاسم، وأنه بثبوت ذلك المعنى الذي يأخذه الذهن مشتركًا يكون الموجود موجودًا، وإلّا كان معدومًا، كما قد بيناه لما تكلمنا على الوجود الواجب والممكن.
وبهذا تبيَّن لك أن المشبِّهة أخذوا هذا المعنى وزادوا فيه على الحقِّ فضلُّوا، والمعطِّلة أخذوا نفي المماثلة بوجهٍ من الوجوه، وزادوا فيه على