للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلك استطار شررُه وتعدَّى ضررُه، فيلزمُ تعطيلُ معاني الكتاب والسنة وفتورُ الرسالة، إذ الرسول الذي لم يُبيِّن بمنزلة عدم الرسول، والكلامُ الذي بلَّغَه الرسولُ ولم يُعقَل معناه يَدخُل في حدِّ الأصوات المسموعة التي ليس فيها حروفٌ مُبيِّنةٌ للمعاني.

وقد ذمَّ الله تعالى من كان حالُه في كتابه هكذا، وجعلهم كفَّارًا بمنزلة الأموات، وحَمِدَ من سَمِعَ كلامَه فعَقَلَه ووعاه، وجعل ذلك صفة المؤمن الحيّ، فقال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة/ ١٧١]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان/ ٧٣] وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد/ ٢٤]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [الأنعام/ ٣٦]، وقال تعالى: {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} [الزخرف/ ٤٠]، وقال تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة/ ٧]، وقال تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد/ ١٦]، وقال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء/ ١٥٥].

وإذا كان من عَدَلَ عما فسَّر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه والتابعون القرآنَ فأحدُ الأمرين لازمٌ له: إمّا أن يَعْدِلَ إلى تفسيره بما هو دون ذلك، فيكون محرِّفًا للكلم عن مواضعه، وإمّا أن يبقَى أصمَّ أبكمَ لا يسمعُ من كلام الله ورسوله إلّا الصوتَ المجرَّد الذي يَشْرَكُه فيه البهائمُ ولا يَعقِلُه. وكلٌّ من هذين الأمرين باطلٌ محرَّمٌ = ثبتَ تعيُّنُ الطريقة النبوية السلفية

<<  <  ج: ص:  >  >>