للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث.

الوجه الخامس: أن الدرجة الخامسة أن يُعلَّمَ اللغةَ بقياسٍ نحوي أو تصريفيٍّ قد يدخلُه تخصيصٌ لمعارضٍ راجح، وقد يكون فيه فرقٌ لم يتفطَّن له واضع القياس القانوني. ومن المعلوم أن هذا يَرِدُ عليه أكثر مما يَرِدُ على من تعلَّم المعاني الشرعية من القواعد الكلية التي وضعها الفقهاء.

وإذا كان الأمر كذلك فمن لم يأخذ معاني الكتاب والسنة من الصحابة والتابعين ومن أخذ عنهم لم يكن له طريقٌ أصلًا إلّا ما يَرِدُ عليه من الآفاتِ أضعافُ ما يَرِدُ على هذه الطريق، فلا يجوز له ترجيحُ غيرها عليها، فيكون أحد الأمرين لازمًا له:

إما أن يَستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ويَعدِلَ عن الطريق التي فيها من العلوم اليقينية والأمور الإيمانية والاعتقادات الراجحة والظنون الغالبة ما لا يوجد في غيرها إلى ما هو دونها في ذلك كلِّه، بل يَستبدل باليقين شكًّا وبالظنّ الراجح وهمًا، ويستبدل بالإيمان كفرًا وبالهدى ضلالة، وبالعلم جهلًا، وبالبيان عِيًّا، وبالعدل ظلمًا، وبالصدق كذبًا، وبالإيمان بكتب الله وبكلماتِه تحريفًا عن مواضعها.

وإما أن يُعرِضَ عن ذلك كلِّه، ولا يجعلَ للقرآن معنًى مفهومًا، وقد قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف/ ٢] فلا يَعقِله، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء/ ٨٢] فلا يتدبره، وقال: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ} [ص/ ٢٩]. فلا يتدبر ولا يتذكر، وقال: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت/ ٤٣] فلا يكون من العالمين العاقلين لها. وإذا سلكَ هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>