للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسيره (١) عن ابن عباس أنه قال: التفسيرُ على أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير تَعْلَمه العلماءُ، وتفسيرٌ لا يُعذَر أحدٌ بجهله، وتفسيرٌ لا يعلمه إلّا الله، ومن ادَّعى عِلْمَه فقد كذب.

الوجه الثاني: أن الدرجة الثانية أن يسمعَ اللغة ممن نقل الألفاظ عن العرب نظمًا ونثرًا، وكل ما تعتري نقلَ الحديث من الآفات فهو هنا أكثر، وهذا أمرٌ معلوم لمن كان خبيرًا بالواقع، فيكون نقل ألفاظ اللغة ثم معرفة مرادِهم من تلك الألفاظ يَرِدُ عليه أكثر مما يَرِدُ على معرفة مراد الرسول، لأن معرفة مراد الرسول توفرت عليها الهِممُ والدواعي، وصانَه الله فهو محفوظٌ بحفظ الله ثم بالعادة العامة والخاصة، أكثر من معرفة مراد شاعرٍ مادحٍ أو رَاثٍ أو هاجٍ أو مُشبِّبٍ أو واصفِ ناقةٍ أو امرأةٍ أو فلاةٍ أو مفتخرٍ.

الوجه الثالث: أن الدرجة الثالثة أن يسمع اللغة ممن سمعَ الألفاظ، وذكر أنه فهم معناها من العرب، كالأصمعي فيما سمعه من الأعراب وذكر أنه فهم معناه. ومن هذا الباب كتب اللغة التي (٢) يذكرون فيها معانيَ كلامِ العرب بألفاظ المصنفين، ومعلومٌ أن هذا يَرِدُ عليه (٣) أكثر مما يَرِدُ على من سمع الكلام النبوي من صاحبه وقال: إنه فهم معناه، وبيَّنه لنا بعبارته.

الوجه الرابع: أن ينقل له كلام هؤلاء الذين ذكروا أنهم سمعوا كلامَ العرب، ومن المعلوم أنه يَرِدُ على هذا من الأسولة أكثر مما يَرِدُ على نقل


(١) لم أجده في تفسير عبد الرزاق. وقد أخرجه الطبري ١/ ٧٠ وابن المنذر في تفسيره (٢٥٥). وذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ١٨.
(٢) في الأصل: "الذين".
(٣) في الأصل: "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>