وفي الأخير جاء إلى الأمر الرابع وهو قوله:"عارضتها الأدلة القطعية فيجب تأويلها"، وردَّ عليه من وجوه عديدة، منها: أنه لم يعارضها دليلٌ قطعيٌّ قطُّ، وأن ما هو مدلولها لم ينفِه العقل، والذي نفاه العقلُ ليس مدلولَها. ثم تكلَّم على قولهم: إن إثبات الصفات ظاهرها التجسيم، وبيَّن أن نفي المثل عنه والسميّ والمساوي يقتضي نفيَ ذلك في كل شيء، وذكر ما بين الأسماء من التواطؤ والافتراق، وما بين مدلولها من التباين والاشتباه.
وأما القطعة الثانية: فهي خاصة بالكلام على حديث "خلق آدم على صورته" و"على صورة الرحمن"، فذكر أنه مروي بألفاظ متنوعة، ولم يكن في السلف من تأوله، ولكن بعض علماء أهل السنة تأولوه، أو تركوا روايته لأسباب أخرى، كما يُذكر عن الإمام مالك. ثم ذكر طرق الحديث ومن رواه من الأئمة مثل الليث بن سعد ويحيى بن سعيد القطّان ومعمر وعبد الرحمن بن مهدي وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وذكر قول الإمام أحمد والحميدي وغيرهما في تصحيحه، وإنكارهم على أبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ ممن تأوَّل هذا الحديث، ونقل نصوصًا مهمة من "مناقب الإمام إسماعيل بن محمد التيمي" لأبي موسى المديني و"الفصول من الأصول عن الأئمة الفحول" لأبي الحسن بن الكرجي و"تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة، وردَّ على التأويلات الباطلة للحديث.
هذا عرض موجز لأهمّ الأبحاث التي توجد فيما وصل إلينا من هذا الكتاب، ونظرًا إلى أهميته وما فيه من مناقشات قوية اعتمد عليه تلميذ