للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجِد لغيره. ولهذا حكى غيرُ واحدٍ من العلماء إجماعَ أهل السنة والجماعة على أنه أعلم الصحابة، فهو أعلمهم وأشجعهم وأجودهم وأدْيَنهم باتفاق أهل المعرفة من المسلمين، وأعظمُ علمِه وإيمانِه التصديقُ بالنصوص النبوية خبرًا وأمرًا واتباعُها، وأنه لا يُعارضها بشيء من تأويلاتِه وأرائه.

وهذا وأكثر منه يُبيِّن لك أن المتبعين للحديث هم صدِّيقو هذه الأمة، والصِّديقون هم أفضلُ الخلق بعد الأنبياء، ومن كان منهم أعظمَ اتباعًا له كانَ أعظمهم تصديقًا. وأما الخارجون (١) عن السنة والجماعة فإمّا أن يكونوا (٢) من جنس ذي الخُويْصِرة وأمثالِه من الخوارج، وإمّا أن يكونوا من جنس عبد الله بن أُبيّ وأمثالِه من المنافقين، وإمّا أن يكونوا من جنس مُسيلمة الكذاب وأتباعه المرتدّين الذين جعلوا مع الرسول نظيرًا له، وإمّا أن يكونوا من جنس مانعي الزكاة وأمثالهم ممن أقرَّ ببعض واجبات الدين وبعض ما جاء به الرسول دون بعضٍ. وهذا أمرٌ مطَّرِد لا يُخرَم، لا يخرج عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم وسنتِه وجماعةِ المسلمين المقرين بالشهادتين إلّا وهو إمّا منافق، وإمّا مبتدع مارقٌ كالذين كانوا على عهده، وإمّا مرتدٌّ عن بعضِ دينِه، وإمّا جاعلٌ (٣) معه نظيرًا له، وهما متلازمان، فإنّ من جعلَ معه نظيرًا له لا بدَّ أن يرتدَّ عن بعض دينِه، ومن ارتدَّ عن بعض دينِه فلا بدَّ وأن يُطيع في تركِ ذلك البعض لغيرِه.

وهؤلاء من المرتدين الذين قاتلهم الصدّيقُ والصحابةُ أجمعون،


(١) في الأصل: "الخوارجون".
(٢) في الأصل: "كان".
(٣) في الأصل: "جاعلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>