للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الرابع: عارضتْها الأدلةُ العقلية فيجب تأويلُها، والله لا يُشبِهه شيء من مخلوقاته، ولا يَحلُّ فيه حادثٌ ولا يَحلُّ هو في حادثٍ، وعند ذلك يستحيلُ وصفُه بالتحيُّز والاتصال بالمحدودات. وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر/ ٤١]، {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الحج/ ٦٥] وفي الطير {مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ} [النحل/ ٧٩]. فإذا ثبت أن الإمساك الحسّي غير مرادٍ إجماعًا فكذلك الإصبع والإصبعان التي وردت، فإن صَمَّموا وادَّعَوا التعميمَ فقد جَسَّموا.

الجواب

أما قوله: "أخبار آحاد، لا تُفيد العلمَ"، فجوابه من ثلاثة طرق: بيان موافقة الآثار للقرآن وتفسيرها له، وبيان وجوب قبولها، وبيان صحة الاعتقاد الراجح بها.

الطريق الأول

أن نقول: الأحاديث الواردة الصحيحة في هذا الباب توافق القرآن ويطابقها، ويدل على ما دلت عليه، وإنما الحديث مع القرآن بمنزلة الحديث مع الحديث الموافق له، والآية مع الآية الموافقة لها، وبمنزلة موافقة القرآن للتوراة، حتى قال النجاشي لما سمع القرآن قال: إنّ هذا والذي جاء به موسى ليخرجُ من مشكاةٍ واحدةٍ (١). وكذلك قال ورقة بن


(١) قول النجاشي هذا ضمن حديث طويل أخرجه أحمد في مسنده ١/ ٢٠١ - ٢٠٣، ٥/ ٢٩٠ - ٢٩٢ عن أم سلمة. وانظر سيرة ابن هشام ١/ ٣٣٤ - ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>