للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسببُ النزاع أنه ليس في ظاهر الآية ما يدلُّ على أنها من الصفات، لأنه قال: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ}، ولم يُضِفْ ذلك إلى الله بل نكَّرَه، ومعلومٌ أن هذا لا يدلُّ بنفسِه على أنه صفةٌ لله، بخلاف ما أضيفَ إليه، ولهذا تنازعَ فيه الصحابةُ، فمن أثبته احتجَّ بحديثِ أبي سعيد المتفق عليه في الصحيحين، وقال أيضًا: فرقٌ بين أن يُقال: كُشِفَ الشيءُ وأن يقال: كَشَفتُ عنه، فإن الشدَّة يقال فيها: كشَفَها الله أي أزالها، كما قال تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ} إلى قوله: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ} [الأعراف/ ١٣٤ - ١٣٥]، وقال تعالى في حق أيوب: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ}، وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ} [يونس/ ٢٣]، وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} [الأنعام/ ٤٠ - ٤١]، وقال تعالى: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [المؤمنون/ ٧٥].

قالوا: فالشدَّة يقال فيها كشفَها، ولا يقال: كشفَ عنه. وأما الكشف عن الشيء فهو إظهاره وإبرازه، كما يُكشَف العذاب عن الناس، فالعذاب نفسه مكشوف، وأما الناس فهم مكشوفٌ عنهم لظهورهم وبروزهم بعد زوال العذاب عنهم.

وإن كان المراد بقوله "السلف" التابعين فلا أعلم أحدًا من التابعين


= سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يكشف ربُّنا عن ساقِه ... الحديث". وهذا من أحد القراء نقلًا عن الدر المنثور (١٤/ ٦٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>