للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: هذا رسولُ هذه الأمة، ويقال في ذلك: رسولُ بني إسرائيل، فلا يُسمَّى أحدُهما باسم الآخر مطلقًا، وإن اشتركا في بعض مدلول الاسمين.

ولهذا كان من أسماء هذا الرسول: محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب والمقفّي ونبي الرحمة ونبي الملحمة والضَّحوك والقتَّال (١)، ونحو ذلك من الأسماء التي يختصُّ هو بمعاني بعضها، ويختصُّ بكمال معاني باقيها، فليس في الرسل من يُسمَّى بأسمائه مطلقًا، وإن كان يَشرَكه في بعض إطلاق بعض أسمائه عليه لمشاركته له في بعض معانيها.

وهذا لما قدَّمناه من أن الأسماء المتواطئة تَدُلُّ بمجرَّدِها على القدر المطلق المشترك الذي لا يُوجد مطلقًا مشتركًا إلّا في الذهن، وتدلُّ عند تعيينها بالتعريف على خصوص المعنى المعيَّن الموجود في الخارج الذي لا شركةَ فيه، فمدلولُها عند التعيين ليس فيه اشتراك أصلًا، كما أنه ليس فيها اشتراك ولا إطلاق، ولكن الذهن يأخذ القدر المشترك بين المعنيين، كما ينطق اللسانُ باللفظ المشترك المتواطئ الموجود في المحلَّين، وإن كان حالُ المطلق المشترك المتواطئ كالمعنى المطلق المشترك، وليس هذا بشرط الإطلاق إلّا في الذهن، كما أن اللفظ المطلق بشرط الإطلاق لا يكون في كلام الناس واستعمالهم، واللفظ المقيّد بتعريف الإضافة وغيرها يطابق المعنى الذهني المقيد بفهم تلك


(١) أخرج البخاري (٣٥٣٢، ٤٨٩٦) ومسلم (٢٣٥٤) من حديث جبير بن مطعم بعض هذه الأسماء، وأخرج مسلم (٢٣٥٥) من حديث أبي موسى الأشعري بعضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>