للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأويل أحاديثَ صفات، بل يقولون: أحاديث الإضافات، كما يقول ابن عقيل وطائفة معه، أو يقولون: مشكل الحديث أو متشابهه. وأما قول الأوزاعي: كنّا نؤمن ما وردت به السنة من صفاته (١).

الوجه السابع (٢): أن نقله عن ابن عباس "إذا خفي عليكم شيءٌ من القرآن فابْتغُوه في الشعر" لا يدلُّ على مورد النزاع، فإن هذه الآياتِ والأحاديثَ المفهومَ معناها الظاهرَ مدلولُها لم يَخْفَ علينا حتى نطلبه من الشعر، وإنما قال ذلك في الألفاظ الغريبة المتداولة، مثل قَسْورة وضِيْزَى ونحو ذلك من الألفاظ الغريبة. ولهذا رُوي أن نافع بن الأزرق كان يسأل ابنَ عباسٍ عن شيء من غريب القرآن، فيُجيبه عنه ويستدلُّ لمعناه بما يرويه من الشعر (٣)، فأين الاستدلالُ بالشعر على اللفظ الذي لا ظاهرَ له ولا يُفهم له معنًى من الاستدلالِ به على صرفِ النصوص عن مدلولها ومعناها؟ ينبغي لمن تكلم أن يَعقِل ما يقول ثمَّ يتكلم، فبمثل هذه الاستدلالات وقع التحريفُ في الكتاب والسنة، فلا حول ولا قوةَ إلّا بالله.

الوجه الثامن: أن هذه المسألة فيها نزاعٌ، وهو التمثُّلُ للقرآن ببيتٍ من الشعر وتفسيرُه بمجردِ اللغة، وفيه روايتان عن أحمد، إحداهما جواز ذلك لما تقدم، والثانية المنع من ذلك، لما تقدم من أن الصحابة


(١) لعلَّ هنا سقطًا ذهب بتتمة الكلام والوجه السادس.
(٢) في هامش الأصل: "كذا في الأصل، لم يذكر الوجه السادس".
(٣) تُعرف بمسائل نافع بن الأزرق عن ابن عباس، وقد أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (١٠/ ٢٤٨ - ٢٥٦) وغيره. وأوردها السيوطي في الإتقان (٢/ ٥٥ - ٨٨) نقلًا عن الطستي، وفرَّقها في الدر المنثور بروايته. ولا يصح إسنادها.

<<  <  ج: ص:  >  >>