للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين قالُوا: الضميرُ عائدٌ إلى الله، كما يدلُّ عليه سياقُ الحديث وألفاظُه المنقولة، ويوافقُ حديث ابن عمر وابن عباس وغيرَ ذلك، فقد قيل: إنَّه أضافه إليه إضافة تشريفٍ وتكريم، كما قال ابنُ خزيمةُ. قال (١): هو من إضافة الخلق إليه، كقوله: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [لقمان/ ١١]، و {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} [الأعراف/ ٧٣]، وقوله: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ} [النساء/ ٩٧]، وقوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم/ ٣٠].

وسلك آخرون مسلكًا آخر؛ فجعلوا الصورة هي الصورة المعنوية، وبهذا قال ابنُ عقيل والغزاليُّ وغيرُهما.

ثُمَّ منهم من قال: هي صورةُ المُلْكِ والتدبير، فإن الآدمي أُعطِيَ من الملك في جميع أجناس الحيوان ما فيه نوعٌ من صورة الرُّبوبية، وهذا اختيارُ ابنِ عقيلٍ.

ومنهم من قال: صورةُ الصفات، وهو أنه حيٌّ عليمٌ قديرٌ سميعٌ بصيرٌ متكلمٌ مريد، والذين أبطلوا هذا التأويل ردُّوا ذلك (٢) بأنَّ صورة الصفات مشتركة بين الملائكة والجن، وصورة المُلْك لا تختص بآدم، وقد قالوا: سياق الأحاديث وألفاظها يردُّ ذلك.

وقد تكلم أبو محمد بنُ قتيبة في (مختلف الحديث) (٣) عليه، وقرَّره


(١) في كتاب التوحيد (١/ ٨٧) وما بعدها.
(٢) في الأصل: "بذلك".
(٣) تأويل مختلف الحديث ص ١٤٧ - ١٥٠. قال في آخره: والذي عندي - والله تعالى أعلم - أن الصورة ليست بأعجبَ من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلفُ لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأتِ في =

<<  <  ج: ص:  >  >>