للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن كُلِّ شَيْءٍ} [النمل/ ٢٣] مما يَصلُح أن يؤتاه مثلها. فهذه القيود عندهم معلومة في هذا اللفظ بالسياق، وهذه (١) حقيقة عرفية في هذا اللفظ لم تُستعمل إلّا فيه. قالوا: ولم نجدْه (٢) مستعملًا لمطلقٍ قطُّ إلّا أن السياق اقتضى ذلك.

وأما الطريق الثاني: أن يُسلَّم أن ظاهر هذه الألفاظ هو المعنى الذي يمتنع إرادتُه، لكن يقال: قد بيَّنَ الله بخطابٍ آخر أنه لم يُرِد المعنى الممتنع، فقد بيَّن بما ذكره من قصة سليمان أنها لم تُؤتَ ملكَ سليمان ونحو ذلك، وبيَّن في القصة أنها كانت ملكة سبأ، وللملوك حدٌّ لا يتجاوزونه، فيُعلَم بهذا الخطاب أنها لم تملك السماوات ونحوها. وكذلك {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} مع ما أخبر به. وإذا كان في القرآن ما يبيِّن عدَم إرادةِ الظاهر كان هذا من بيان الله ورسوله، ولم يكن الله ورسولُه تركَ بيانَ كلامه، فأما إذا كان الظاهر ممتنعًا ولم يُبيِّن الله ورسوله عدمَ إرادتِه، فهذا الذي (٣) من ادعاه فليُظهِرْه ليُنظَر فيه.

فصل

وأما قوله: "قابلةٌ للتأويل"، فيجب أن يُعلَم معنى التأويل الذي ليس فيه نزاعٌ بين أحدٍ من عُقلاءِ الآدميين، لا من المسلمين ولا من غيرهم، وهو أن تأويل كلام المتكلم الذي هو تفسيره وبيان المراد به، سواء كان مصروفًا عن ظاهره أو لم يكن، إنما هو بيانُ مرادِه ومقصودِه وإظهارُ معناه ومغزاه، فإذا قيل: نتأوَّل هذه الآيةَ أو هذا الحديثَ أو غير ذلك من


(١) في الأصل: "هذا".
(٢) في الأصل: "يجده".
(٣) في الأصل: "الذين".

<<  <  ج: ص:  >  >>