للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشبه وجهك، كان مُقبِّحًا وجهَ آدم. فتفهَّموا رحمكم الله معنى الخبر، لا تَغلَطوا ولا تُغالِطُوا، فتصُدُّوا عن سيبل الله، وتَحمِلوه على القول بالتشبيه الذي هو ضلال (١).

وقيل: يعود على آدم، كما يُذكرُ عن أبي ثورٍ وطائفةٍ أخرى.

والذين أعادوا الضمير إلى الله لهم فيه أيضًا أقوال.

فتبليغُ جميع العلماء والفقهاء للفظِ بعض الحديث وحُكمِهِ، يُبيِّنُ لهم ما نازع فيه بعضهم من معنى باقيه، وهو نهيهُ عن ضرب الوجه مطلقًا. فقوله: "إذا قاتل أحدُكُم فليجتنب الوجهَ، فإن الله خلقَ آدم على صورته"، أو "إذا ضرب أحدكم"، فنهى عن ضرب الوجه نهيًا عامًّا، وعلَّلَهُ بأنَّ الله خلق آدم على صورته، وكونُ آدم خُلِقَ على صورةِ هذا المضروب لا يُناسبُ النهيَ عن ضربه؛ فإنَّ آدم خُلِقَ على صورةِ سائرِ جسده، ومع هذا فيُضرَب أكثرُ جسده ولم يَنهَ عن تقبيح شيءٍ غيرِ الوجه، ولأنَّ مشابهة الإنسان للإنسان في الصورة لا تقتضي اشتراكهما في ثوابٍ ولا عقابٍ، ولا مدح ولا ذمٍّ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال، فقال: "رأيتُ أشبهَ الناس به عبد العُزَّى بن قَطَن"، فقال: [يا] رسول الله صلى الله عليه وسلم! أيضرُّني شَبَهُهُ؟ فقال: "لا؛ أنت مؤمنٌ، وهو كافرٌ" (٢).

وأيضًا، فكان ينبغي أن يُقال: خُلِقَ على صورة آدم، لو أراد ذلك المعنى فإنه هو المخلوقُ على مثال آدم، لم يُخلَقْ آدمُ على مثالِهِ.


(١) المصدر السابق (١/ ٨٤، ٨٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٤٠، ٣٤٤١) ومسلم (١٦٩) من حديث ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>