للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى. ولقد بحثتُ عن هذا الباب وكشفتُه، وطالعتُ التفاسير المنقولة عن الصحابة نقلًا صحيحًا، فلم أجدْ عن أحدٍ من الصحابةِ أنه تأوَّلَ آيةً واحدةً من الآيات التي ظاهرُها صفةٌ على نفْيِ الصفة، بل وجدتُ عنهم من الآثار التي تُقَرِّرُ النصوصَ وتُثبِتُ الصفاتِ وتُصرِّحُ بمنافاةِ قولِ المتأوِّلين والمعطِّلين ما لا يتسع هذا الموضع لكتابته، ولا يَحضُرني تفاصيلُ ذلك، وليست الكتبُ عندي، وكتابةُ مثل هذا من الحفظ متعذر.

فهذا السؤال الذي أوردَه قد انقلبَ عليه، وهو من أعظم الحجج القطعية على صحة مذهب المثبتةِ للصفات المانعين عما يُضادُّها من التأويلات، إذ جميع الصحابة قد ثبتَ عنهم بأنواع الثابت من المنقولات إثباتُ صفة العُلُوِّ وغيرِها من الصفاتِ، بالنصوص الصريحة التي لا تحتمل خلافَ ذلك، ولم يُنقَل عن أحدٍ منهم تأويلٌ يخالف ذلك بما يخالف الظاهرَ. فالمتأوِّل بما يخالف الظاهرَ مع أنه مبتدعٌ لهذه التأويلات، فهي بدعةٌ مخالِفةٌ لإجماع السلف، لا بدعةٌ مسكوتٌ عنها.

ومع أنهم لم يتأوَّلوا ما ظاهرُه الصفةُ فلم أعلم عن الصحابة نزاعًا فيما يُقال: إنه من الصفات، إلّا في قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ}، فإن هذا مُتنازَعٌ فيها زمنَ الصحابة، فعن ابن عباس وطائفةٍ ما ذكره المعترض أن المراد به الكشفُ عن شدَّةٍ. وقد بَعُدَ عَهْدِي بالإسناد عن ابن عباسٍ هل هو متصلٌ أو منقطعٌ (١). وعن أبي سعيد الخدري وغيرِه جعله من الصفات، وفي الصحيحين (٢) حديث أبي سعيد (٣) وغيره.


(١) في هامش الأصل: "صحح إسنادَه البيهقي، كذا في الدر".
(٢) البخاري (٤٩١٩، ٧٤٣٩) ومسلم (١٨٣).
(٣) في هامش الأصل: "أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد: =

<<  <  ج: ص:  >  >>