للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عبادِه وبحُججه على كتابه، أو مُنقادًا لأهل الحق لا بصيرةَ له في أحنائِه، ينقدح الشكُّ في قلبِه بأوَّلِ عارضٍ من شبهة، لا ذَا ولا ذاك، فمنهومٌ باللذات سَلِسُ القياد للشهوات، أو مُغْرًى بجمع المال والادخار، أقرب [شيء] شبهًا بهما الأنعامُ السائمة، كذلك يموتُ العلم بموتِ حامليه". ثم قال: "اللهم بلى! لن تَخلُوَ الأرضُ من قائمٍ لله بحجته".

هذا لفظ الحديث الذي رواه أهل العلم بذلك، وأما قولهم "إمَّا ظاهر مشهور وإمَّا غائب مستور" فمن أكاذيب الرافضة الذين يزعمون أنه أشار به إلى ما لا حقيقة له. وليست هذه الزيادات في شيء من الروايات إلّا في مثل "نهج البلاغة" (١) الذي أكثره موضوع، وضعه واخترعَه الشاعر المعروف بالرضي. وتمام الحديث: "أولئك الأقلون عددًا، الأعظمون عند الله قدرًا، هَجَمَ بهم العلمُ على حقيقة الأمر، فاستلانُوا ما استوعَره المُتْرَفون، وأَنِسُوا بما استوحشَ منه الجاهلون، صَحِبُوا الدنيا بأبدانٍ أرواحُها معلَّقةٌ بالمحلِّ الأعلى. آهِ آهِ! شوقًا إلى رؤيتهم".

ففي هذا الحديث أن أمير المؤمنين قسمَ حملةَ العلمِ المذمومين ثلاثة أصناف:

المبتدع الفاجر الذي ليس عنده أمانةٌ وإيمان، يَبْطَرُ الحقَّ الذي جاء به الكتابُ ويَغْمِطُ الخلقَ، يجادل في آياته بغير سلطانٍ أتاه، إنْ في صدره إلَّا كِبرٌ ما هو ببالغِه. وهؤلاء مثل المتفلسفة والمتكلمة الذين يعارضون القرآنَ ويَعتَدُون على أهلِ الإيمان.


(١) ص ٤٩٧ بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>