للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن أحدهما سَمِيَّ الآخر ولا مُسمًّى باسمه، وإن كان لفظ الاسمين متفقًا في النصف، وهو لفظ المضاف، لأن الإضافة الاختصاصية قَطعتْ ذلك الاشتراك الذي كان موجودًا قبلها.

فإذا قلتَ: سميع وسميع، فهو كقولك: عبد وعبد، وإذا قلت: الله السميع البصير والإنسان السميع البصير كان هذا التباين أعظم من قولك: عبد الله وعبد شمس، إذ التعريف باللام كالتعريف بالإضافة.

فتدبَّرْ هذا، فإن هذه المعاني الشريفة نافعة في هذه المسائل التي كثر الاضطراب فيها، فالمنزِّهُ أحسنَ في نفي المماثلة من كل وجهٍ وإثباتِ المباينة والمخالفة كما تقدم، ولكن إذا زاد بنفي المعاني الثابتة لله في نفس الأمر ونفي حقيقة أسمائه لما في ذلك من نوع اشتراكٍ في الاسم واشتباهٍ في المعنى = كان مبطلًا معطِّلًا، لأن الذي كذَّب به من الحق ونفاه قد يكون أعظم مما كذَّب به من الباطل ونفاه. والمُثبِتةُ أحسنوا في إثباتِ حقيقة الله بما له من الصفات التي (١) لا يكون هو هو إلّا بها، وفي إثباتِ أسمائه الحسنى المبيِّنة لحقائق صفاته، فإنه لولا ثبوتُ هذه الصفات التي هي العلم والقدرة والكلام ونحوها، لم يكن ربًّا ولا خالقًا، بل لولا ثبوت أصل الصفات لم يكن موجودًا أصلًا. وإثباتُ ما لا صفةَ له إثباتُ ما لا وجودَ له، وهو إثباتُ معدوم.

ولهذا كانت النفاة معطلةً متناقضةً ممثّلةً له بالمعدوم، أما تناقضُها فمن حيث أقرتْ بوجوده واستحقاقه الكمالَ المطلقَ والوجود الأتم، ثم وصفتْه بما يستلزم أنه لا يكون شيئًا أصلًا، فضلًا عن أن يكون قائمًا حيًّا.


(١) في الأصل: "الذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>