للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أمر به أمرَ إيجابٍ أو استحبابٍ، فإن أراد غيرَ الله لم يكن عابدًا لله، سواءٌ عبدَهما جميعًا أو عبدَ ما دونه فقط، كما ثبت في الصحيح (١) أن الله تعالى يقول: "أنا أغنى الشركاء، فمن عمل عملًا فأشْرَك فيه غيري فأنا منه بريءٌ، وهو كلُّه للذي أشرك".

ومن عبدَه بما ليس من الواجب والمستحب الذي يُحبُّه لم يكن عملُه حسنًا ولا صالحًا ولا خيرًا، فإن كلَّ حسنٍ وكلَّ صالحٍ وكلَّ خيرٍ فالله يُحِبُّه ويأمرُ به ويشرعُه، وهو من شِرعتِه وسنتِه وسبيله ومنهاجِه، فما لم يكن من المشروع لم يكن من المحبوب ولا من الحسن، وإن كان قد يكون من المشروع ما يعتقد قومٌ أنه ليس منه، كما قد يكون في غيرِ المحبوب ما يعتقد قومٌ أنه منه. وإذا كان كذلك فما جعله الله سبحانَه في الإنسان من المحبة والبغضة لما يستعين به على المحبة المقصودة لنفسها، وهي عبادة الله وحده، مثل محبة الأكل والشرب والنكاح وبُغض المُؤذِيات = إن فعلَه بنية الاستعانة على ما خُلِقَ له كان داخلًا في عبادته، وكان له عليه الأجر، كما قال صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "إنك لن تُنفِقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلّا ازْددتَ بها درجةً ورفعةً، حتى اللقمة تَضعُها في فيّ امرأتك" (٢). وقال: "نفقةُ المسلم على أهله يَحتسِبُها صدقةٌ" (٣). بل نفقة المرء على نفسه وعيالِه أفضلُ من نفقتِه على من لا تلزمُه نفقتُه، لأن ذلك واجبٌ، وما تقرب العبادُ إلى الله بمثلِ أداءِ ما


= (١/ ٢٥٧، ٢/ ٢٢٦) وغيرها.
(١) أخرجه مسلم (٢٩٨٥) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري (٥٦) ومسلم (١٦٢٨) عن سعد.
(٣) أخرجه البخاري (٥٥) ومسلم (١٠٠٢) عن أبي مسعود البدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>