للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم العمل بما هو كذب، فهذا هو الخطأ، ولا معنى لإجماع الأمة على خطأ إلا ذلك، فإن المجوِّز لذلك لا يقول: إنهم عاصون أو فُسَّاقٌ بالخطأ.

وإن بنى ذلك على أصلِه الفاسد من أن الإثم والخطأ متلازمانِ فقد سَدَّ على نفسِه بابَ كونِ الإجماع حجةً، فإن المنازع يقول: أنا أجوِّزُ عليهم الخطأ بلا إثمٍ، فإن كنتَ تقول: إن ما لا إثمَ فيه لا خطأ فيه، كان قولُ أهلِ الإجماع عندك مثلَ قولِ الواحد من المجتهدين، إذ ليس عندك لا خطأً ولا إثمًا، وليس مثلُ هذا القول حجةً على منازعِه بلا ريب، فيلزم أن لا يكون قولُ أهل الإجماع حجةً، بل هو كقولِ الواحد من المجتهدين، وليس هذا مذهبه، وإن لزمَ تناقضُه. والمقصود هنا الاحتجاج بالقواعد المقررة، وإلّا قررنا كون الإجماع حجة.

وأيضًا فالإجماع ... (١) وإذا كان [تلقِّي] الأمةِ له بالقبول يدلُّ على أنه صدق، لأنه إجماع منهم على أنه صدقٌ مقبولٌ، فإجماع السلف والصحابة على ذلك كانَ كإجماعهم على الأحكام أو معاني الآيات، بل لا يُمكن أحدًا أن يدَّعي إجماع الأمة إلّا فيما أجمع عليه سلفُها، وأما بعد ذلك فقد انتشرتْ انتشارًا لا يضبط معه أقوال جميعها.

واعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب، كما ذكر أبو عمرو بن الصلاح ومن قبله من العلماء، كالحافظ أبي طاهر السِّلَفي وغيره.

وأما إن تلقَّاهُ أهلُ الحديث وعلماؤه بالقبول والتصديق دون من لا


(١) في الهامش: "هنا بياض في الأصل الذي نُقل منه هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>