للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعرِفُ الحديثَ من المتكلمة ونحوهم، فهو كذلك يكون إجماعُهم على ذلك حجةً قطعية، لأن الاعتبار في الإجماع على كل أمرٍ من أمورِ الدين بأهل العلم به دونَ غيرهم. فكما لا يُعتبر في الإجماع على الأحكام الشرعية إلّا العلماءُ بها وبطُرقها، وهم الفقهاء في الأحكام دون النحاة والأطباء، فكذلك لا يُعتدُّ في الإجماع على صدقِ الحديث وعدم صدقه إلّا بأهل العلم بطُرقِ ذلك، وهم علماء الحديث العالمون بأحوال رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، الضابطون لأقوالِه وأفعالِه، العالمون بأحوال حَمَلة (١) الأخبار، فإن علمهم بحالِ المُخبِر والمُخبَر عنه مما يعلمون به صدق الأخبار، كما أن العَلَم المتفقَ على صدقه والفقيه والمتكلم والصوفي بالنسبة إلى علماء الحديث كالمحدث والمتكلم بالنسبة إلى الفقيه، والجمهور على أن هؤلاء لا يُعتدُّ بخلافهم، وقد قيل: إنه يُعتدُّ بخلافهم. فهكذا إذا خالف أهلَ الحديث متكلمٌ أو فقيه.

وهذا في خبر الواحد المختص بالذي لم يتواتر لا لفظُه ولا معناه، وقد علمتَ أن التواتر لا يشترط فيه عددٌ معيَّنٌ على القول الصحيح، فيتصل بعض هذا القسم بالقسم الأول إذا كان ما رواه الواحد والاثنان قد يحصل به العلم، فيكون متواترًا باعتبار صفاتهم وغيرها من القرائن والضمائر، وكثير من الناس لا يسميه متواترًا، بل يجعل ما رواه الأربعة من أخبار الآحاد مطلقًا، ويتوقف فيما رواه الخمسة، كما يقوله القاضي أبو بكر والقاضي أبو يعلى في بعض كتبه. وللناس في العدد أقوال كثيرة: سبعة، واثنا عشر، وأربعون، وثلاثمئة وبضعة عشر، وغير ذلك مما حكيت، ولا أعلم بها قائلًا معينًا ولا حجةً تُذكَر.


(١) في الأصل: "جملة" تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>