كلام سائر المتكلمين، فمعناه أنا نُبيِّن مُراده بهذا الكلام وإن كان مخالفًا للظاهر، لكن لا خلاف أنه بيان مرادِ المتكلم. فإذا عُلِمَ أن المتكلم لم يُرِدْ هذا المعنى، وأنه يمتنع أن يريد هذا المعنى، أو أنّ في صفاته ما علمنا معه أنّ هذا المعنى لا يليق به، ويستحيلُ عليه في العادة أو في غيرها أن يُريده = لم يَصلُح أن يكون ذلك تأويلَ كلامه، وإن كان لنا أدلَّةٌ نعلم بها أن بعض المعاني الفاسدة التي تظهر لبعض (١) الناس غيرُ مرادةٍ حتى نقول: ما ظهر لهذا المخطئ غيرُ مرادٍ، فلأن يكون لنا أدلة نعلم بها أنَّ ما تأوَّله عليه المتأوِّل المخطئ غيرُ مرادٍ أولى وأَحْرى. فليس للرجل كلُّ ما ساغ في اللغة لبعض الشعراء والأعراب أو العامة أن يحمل عليه كلام الله وكلام رسوله، إلّا إذا كان ذلك غير مخالفٍ لما عُلِمَ من نَعْتِ الله ورسوله، وكانت إرادة ذلك المعنى بذلك اللفظ مما يَصلُح أن يُنسَب إلى الله ورسوله.
فهذا أصل عظيم تجبُ معرفتُه، ومن اعتنَى به علمَ أن أكثرَ أو كثيرًا مما يدَّعيه المحرِّفون في التأويلات هو مما يُعلم به أن الرسول لا يَصلُح أن يُريدَه بذلك الكلام، وإن كان ذلك مما يسُوغُ في اللغة لبعض العوامِّ، وفيما يدَّعَى من التأويل مواضعُ كثيرة لا تسوغُ في اللغة. فلا بدَّ أن يكون المعنى الذي يَصرِفُ إليه المتأوِّلُ الخطابَ مما يسُوغ في اللغة ويَسُوغ إضافتُه إلى الشارع صاحب الخطاب عند أهل العلم وأولي الألباب.
ولهذا كان المصنِّفون في إبطال التأويلات إذا كشفوها تبيَّنَ بطلانُها بأدنى نظرٍ، وقد فصلنا بطلانَ التأويل الذي ذكره مثل علو العظمة، وذكرنا أيضًا الاستيلاء. ومن نظر باقي التأويلات المخالفة للدلالة