للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما عند أهل الكتب من الكُتُب المأثورة عندهم عن الأنبياء في التوراة وغيرها.

فأما السلف فلم يكن فيهم من تأوَّله، لكن في علماء السنة أهل الحديث الأكابِرِ من تأوَّلَه، كما سنذكره، ولكن كان في السلف من يترك روايته؛ فإن مالكًا رحمةُ الله عليه رُوي عنه أنه لما بلغه أن محمد بن عجلان حدَّث به كره ذلك، وقال: إنَّما هو صاحبُ أُمراءَ (١). والمقتصدون يقولون (٢): إنما كره مالكٌ ذلك لأنَّ العلم الذي قد يكون فتنةً للمستمع لا ينبغي للعالم أن يُحدِّثَه به؛ لأنَّهُ مَضرةٌ بل فتنة، وأن يكون بلَّغه لمن لا يفتتن به؛ لوجوب تبليغ العلم، ولئلا يُكْتَم ما أنزل الله من البينات والهدى.

وهذا كما قال عبد الله بن مسعود: ما من رجلٍ يُحدِّث قومًا حديثًا لا تَبلُغه عقولهم، إلا كان فتنةً لبعضهم (٣).

وقال صلى الله عليه وسلم (٤): "حدِّثوا الناسَ بما يعرفون، ودَعُوا ما يُنكرون؛


= تلبيس الجهمية (٦/ ٤٤٨).
(١) في ترتيب المدارك (٢/ ٤٤) قال مالك في ابن عجلان: لم يكن من الفقهاء.
وفي رواية ابن القاسم وابن وهب عنه: إنه كان لا يعرف هذه الأشياء، وكره مالك أن يحدث بها عوام الناس الذين لا يعرفون وجهه ولا تبلغه عقولهم، فينكروه أو يضعوه في غير موضعه. وانظر سير أعلام النبلاء (٦/ ٣٢٠) وميزان الاعتدال (٣/ ٦٤٤، ٦٤٥).
(٢) في الأصل: "يقول".
(٣) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (١/ ١١) بنحوه.
(٤) كذا في الأصل "صلى الله عليه وسلم" ولعله سبق قلم من الناسخ. وهو موقوف على علي بن أبي طالب، أخرجه البخاري (١٢٧). وقد عزاه المؤلف إلى علي =

<<  <  ج: ص:  >  >>