وهذا جائزٌ عليه الجهلُ بكل شيء والعجزُ عن كلِّ شيء، فيكون كلٌّ منهما واجبًا له بنفسه وجائزًا عليه العلم بكل شيء والقدرةُ على كلِّ شيء، وهذا ممتنع.
ويكون هذا واجبًا له أن يكون سميعًا لكل مسموع وبصيرًا بكل مرئيٍّ، وهذا جائزٌ عليه أن لا يسمع ولا يُبصر شيئًا، فيجتمع هذان الوصفان، وهو محال.
ويكون هذا يمتنعُ عليه الآفات المذكورة، [وهذا يجوز عليه الآفات المذكورة]، فيكون كلٌّ منهما يجوز عليه الآفاتُ ويمتنع، وهو ممتنعٌ.
ويكون هذا معدومًا بنفسه لا يُوجَد إلّا بخالقِه، [وهذا] واجب الوجود بنفسِه لا تقبلُ ذاتُه العدم، وهذا محال.
فقد تبيَّن أنه يلزم اجتماع النقيضين من وجوهٍ كثيرةٍ على تقديرِ إثباتِ المثل. وهذا بابٌ واسع تبين فيه بهذه التقديراتِ المحالاتُ اللازمةُ من فرضِ تماثلِ الخالق والمخلوق، ليُعلَم أن هذا ممتنعٌ في نفسه متناقض لا يُتصوَّر، وإن كان يلزم من التمثيل أيضًا ما هو ممتنعٌ، من وصفِ الخالق سبحانه وتعالى بصفات المخلوق الناقصة، ووصفِ المخلوق بصفات الخالق التي هي من خصائصه، فإن ذلك يُبيِّن استحالة تماثلِ الخالق والمخلوق من غير تعيين، وهذا بيان الاستحالة في الخالق الحق المعيّن الموجود وفي المخلوق الموجود المعلوم، وكل هذه طرق صحيحة.
ولهذا قال سبحانه:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم/ ٦٥]، وهذا من الأمثال المضروبة، كما سمَّى الله بذلك قول القائلين:{مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس/ ٧٨] لما قال سبحانه: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ