للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلامَ" (١). ومثل الأحاديث المتواترة في السلام على الموتى، وهذا باب واسع.

والحديث الذي روتْه يُؤيِّد ذلك، وهو "أنهم يعلمون"، فالذي يجوِّز أن يعلم يجوِّز أن يسمع كائنًا ما كان، فإن الموت ينافي العلمَ كما ينافي السمعَ والبصر، فلو كان مانعًا لكان مانعًا للجميع. ولهذا كان جماهير المسلمين على مقتضى الحديث.

فهذا ونحوه من المسائل الخبرية العلمية التي هي من جنس مسائل الاعتقاد والأصول العلمية، وأما في المسائل العملية فكثيرٌ أيضًا، مثل ما في الصحيحين (٢) لما سُئِل ابنُ مسعودٍ عن تيمُّم الجنب فنَهى عنه، فذكَر له أبو موسى حديثَ عمّار، فقال: ألم تَرَ عمرَ لم يَقنَعْ به؟ وذكر له آية التيمم، فلم يجب بشيء غيرَ أنه قال: لو رخَّصنا لهم في هذا لأوشكَ أحدهم إذا وجدَ ألمَ البَرْدِ أن يتيمم.

ومعلومٌ أن حديث عمار مما لا يمكن ردُّه، وعمر رضي الله عنه لم يردَّه على عمار، ولكن نَسِيَه وقال لعمار: أُوَلِّيك من ذلك ما تولَّيتَ. يَعني حدِّثْ به أنتَ. والآية لا يمكن تركُها بهذا القياس، وهو أن تيمم الجنبِ مستلزم للتيمم عند البرد، بل مثل هذا الذي يسميه الفقهاء مصلحةً مُهدَرةً.

ثم يقال: إن كان هذا القياس صحيحًا لزِمَ جوازُ التيمم عند خوف


= الإشبيلي في الأحكام الصغرى ١/ ٣٤٥.
(١) أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٥٢٧ وأبو داود (٢٠٤١) عن أبي هريرة. وهو حديث حسن.
(٢) البخاري (٣٤٦) ومسلم (٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>