للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابَ ومثلَه معه" (١) وفي لفظٍ: "ألا إنه مثلُ القرآن وأكثر". ولهذا ذمّ المتخلف عن طلب السنة المكتفي بالقرآن فقال: "لا أُلْفِينَّ أحدَكم متكئًا على أريكتِه يأتيه الأمرُ من أمري مما أَمَرْتُ به أو نَهيتُ عنه فيقول: بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا من حلالٍ أحللناه، وما وجدنا من حرامٍ حرَّمناه، ألا وإني أوتيتُ الكتابَ ومثلَه معه" (٢). وهذا المعنى قد استفاض عنه من وجوهٍ متعددةٍ من حديث المقدام بن معدي كرب وأبي ثعلبة الخُشَني وأبي هريرة وأبي رافع وغيرِهم، وهو من مشاهير أحاديث السنن والمساند المتلقاة بالقبول عند أهل العلم.

الوجه الثالث: أن بعض الناس لو قرأ مصنفات الناس [في] الطبّ والنحو والفقه والأصول، أو لو قرأ بعض قصائد الشعر، لكان من أحرصِ الناسِ على فهم معنى ذلك، ولكان من أثقل الأمور عليه قراءة كلامٍ لا يفهمه. فإذا كان السابقون يعلمون أن هذا كلامُ الله وكتابه الذي أنزل إليهم وهداهم به وأمرَهم باتباعه، أفلا يكونون من أحرص الناس على فهمِه ومعرفةِ معناه، من جهة العادة العامة وعادتهم الخاصة، ومن جهة دينهم وما أمرهم الله به من ذلك؟ ولم يكن للصحابة كتابٌ يدرسونه وكلامٌ محفوظٌ يتفهَّمون فيه يكتبونه إلّا القرآن. لم يكن الأمر عندهم مثل


(١) أخرجه أبو داود (٤٦٠٤) والترمذي (٢٦٦٤) وابن ماجه (١٢) عن المقدام بن معدي كرب. وهو حديث صحيح.
(٢) أخرجه أحمد ٦/ ٨ وأبو داود (٤٦٠٥) والترمذي (٢٦٦٣) وابن ماجه (١٣) عن أبي رافع. وحديث أبي ثعلبة الخشني في النهي عن أكل كل ذي نابٍ من السباع وعن لحوم الحمر الأهلية أخرجه البخاري (٥٥٢٧) ومسلم (١٩٣٢، ١٩٣٦). وحديث أبي هريرة في النهي عن كل ذي نابٍ من السباع عند مسلم (١٩٣٣). ومضى حديث المقدام آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>