للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيُذهَب (١) إلى أثبت الروايتين، أو يكون أحدهما منسوخًا، فيُعمَل بالناسخ. وإن تكافآ ذُهِبَ إلى أشبههما بكتاب الله وسنة نبيه فيما سواهما، وحديثُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مستغنٍ بنفسِه، وإذا كان يُروى عمن دونه حديثٌ (٢) يخالفُه لم ألتفت إليه، وحديثُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أولى، ولو علم من روي عنه خلاف سنة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم اتَّبعَها إن شاء الله.

وله وللإمام أحمد وغيرِهما من الأئمة من الكلام ما لا يَفهم غَورَه كثيرٌ من الناس، كما لأئمة السلف قبلَهم، فتجدُ من يُفتي بظاهرٍ من القولِ ممن أَلِفَ طريقةَ بعض المتأخرين واصطلاحهم، لا يَعرِف اصطلاحَهم ولا يَعرِفُ مقصدَهم ومغزاهم، بل فيه عجمةٌ عن اللفظ والمعنى جميعًا. ولهذا كان هؤلاء الأئمة الذين اشتهروا بالإمامة في الحديث - مثل الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وغيرِهم من أئمة الآثار - طريقتُهم أنهم لا يردُّون شيئًا من الحديث الصحيح، لا في المسائل الخبرية ولا الشرعية، لا في الأصول ولا في الفروع، لا يردُّونه لمخالفة ما يُظَنُّ في قياسٍ أو معقولٍ أو مجردِ ظاهرٍ من القرآن، كما بيَّنا (٣) أنه لا يوجد حديث صحيح مستحقّ الردِّ بلا حديثٍ يُعارِضُه، لكن قد يُفارِق الرجلُ أصلَه أحيانًا على وجه الغلط.

وكذلك أصول سائر الأئمة وجميع السلف على أن الأخبار الصحيحة مقبولة في جميع أبواب العلم الخبرية والعملية الأصول والفروع، لم يكن في السلف ولا في الأئمة مَن يردُّ الخبر في بابٍ من


(١) في الأصل: "فذهب".
(٢) في الأصل: "حديثا".
(٣) في الأصل: "بيناه".

<<  <  ج: ص:  >  >>