للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتابعين نقلوا معاني القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا حاجةَ إلى أخذ معانيه من أحدٍ، ومن قال هذا طالبَ بصحة النقل عن ابن عباسٍ، أو حملَ هذا على الصورة التي يتعذَّرُ فيها النقلُ عن الصحابة. وهذا قريب، ولهذا قال: "إذا خفي عليكم"، وإنما يخفى عليهم إذا لم يكن منقولًا عن الصحابة والتابعين.

الوجه التاسع: أن نقول لهم: إن كان قول الصحابي في التفسير حجةً فعن الصحابة من التفسير المُثبِت للصفات المُبطِل لتأويلات الجهمية ما لا يعلمه إلا الله، وإن لم يكن مقبولًا فلا حجةَ لكم في قولكم عن ابن عباس هذا، فعلى التقديرين حجتكم باطلة، والتفسير المنقول عنهم في إثبات الصفات منصوص في موارد النزاع.

فصل

وأما الوجه الرابع - وهو قوله: "عارضتْها الأدلةُ القطعية" - فجوابُه من وجوه:

أحدها: أن المثبتة لا تُسلِّم أن موجب النصوص عارضَها دليلٌ قطعيٌّ قطُّ، وكل ما يقال إنه قطعي تبيَّنَ أنه ليس بدليل أصلًا، فضلًا عن أن يقال: إنه قطعي، وكان الواجب عليه بيان هذا الدليل القطعي. بل المثبتةُ تقول: الأدلة العقلية القطعية تُبطِل مذاهبَ المعطِّلةِ النفاة، فهم يمنعون صحة الأدلة العقلية التي احتج بها النفاة، ويعارضون بأدلتهم العقلية التي هي أثبت وأقوى، بل يُثبِتون فسادَ حجةِ النفاة بالعقل الصريح وصحةَ قولهم بالعقل الصريح.

الوجه الثاني أن يقال: من المعلوم أن الدليل القطعي مبنيٌّ على مقدمتين، إحداهما أن موجب الصفات مستلزم للتجسيم والتشبيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>