يكون من بيان اتفاق القرآن والحديث، فهذا نافع في تفسير القرآن الذي هو تأويله الصحيح، ونافعٌ في إثبات ما دلَّ عليه القرآن والحديث من الأحكام الخبرية العلمية الاعتقادية والأحكام العملية الإرادية. ثم الآية قد تكون نصًّا، وقد تكون ظاهرة، وقد يكون فيها إجمال، فالحديث يُقرِّر النصَّ ويَكشِف معناه كشفًا مفصَّلًا، ويُقرِّب المراد بالظاهر ويَدفع عنه الاحتمالاتِ، ويُفسِّر المجملَ ويُبيِّنه ويُوضِّحه، لتقوم حجةُ الله به، ولتبيينِ أن الرسول بيَّن ما أنزِل إليه من ربه، بيَّنَ معناه وحروفَه جميعًا، وأنه لم يترك البيان لا لمجملٍ ولا لظاهرٍ، ولم يُؤخِّره عن وقتِ الحاجة، بل قد بيَّن ذلك أحسنَ البيان وأجملَه.
وبهذا جَرتْ عادةُ أئمة السلف وأتباعهم المصنفين في الأبواب أن يذكروا الآيات والأحاديث المناسبة في هذه الأبواب وغيرها، كما فعلَ البخاري ومَن قبلَه ومَن بعدهم من سائر الأئمة، فإن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهما يحتجون على أحاديث النزول وصحة معانيها بما في القرآن من آيات المجيء والإتيان ونحو ذلك. وهل يُنكِر ذلك من له أدنى عقلٍ وإيمان؟
وأيُّما أحسنُ: الاستدلالُ على معاني الكتاب بما رواه الثقات الأثباتُ ورثةُ الأنيباءِ وخلفاءُ الرسلِ عن رسولِ الله المبلِّغِ عن الله المبيِّن لما أنزل الله عليه، وبما قاله الصحابة والتابعون وأئمة الهدى، وتأويلُ القرآن الذي هو تفسيره بهذه الطرق؟ أم يُؤخذ تفسيرُ القرآن وتأويلُه وبيانُ معانيه من أئمةِ الضلال وشيوخِ التجهُّم والاعتزال كالعلَّاف والنظَّام والمَرِيْسي ونحوهم؟ فإن هذه التفسيرات والتأويلات عنهم وعن أمثالهم، أو يُنقَل ذلك عن بعض أهلِ العربية الذي يتكلم فيه بنوعٍ من