على المخلوق وقلنا في الإنسان: سميع بصير، فهذا الاسم الذي دلَّ على حقيقة سَمْع المخلوق وبَصرِه لا يُسمَّى الله به قطُّ، وأما الاسم المطلق الذي لا يُضاف فهو دالٌّ على القدر المشترك. فالاسم وإن كان لفظه قبلَ الإضافة والتعريف واحدًا، فهو بالإضافة والتعريف يصير دالًّا على أكثر مما كان دالًّا عليه حينَ التجرُّد.
ولهذا قال الفقهاءُ في باب الأيمان: إن أسماءَ الله ثلاثةُ أصنافٍ:
منها: ما هو نصٌّ، كقوله: الله، ورب العالمين، وأرحم الراحمين، ونحو ذلك. فهذه تكون يمينًا لا تحتمل غيرَ ذلك.
ومنها: ما هو ظاهر، وهو ما يكون بإطلاقِه لله، وقد يُسمَّى به غيرُه بالقرينة، كقوله: العزيز والحكيم والرؤوف والرحيم، ونحو ذلك.
ومنها: ما هو مجمل، لا ينصرف إطلاقُه إلى الخالق والمخلوق إلا بالقرينة، كقوله: الموجود ونحوه، فهذا لا يكون يمينًا إلا إذا نَوَى به الله، وهل يكون يمينًا بالنية على قولين بناءً على أن اليمين بالله تعالى هل تنعقد بالكناية: أحدهما يكون يمينًا، وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما. والثاني: لا يكون يمينًا، وهو ظاهر مذهب الشافعي وقول القاضي أبي يعلى في بعض كتبه.
وهذا ثابت في جميع الأسماء التي تتغيَّرُ دلالتُها بالتقييد والإضافة في أسماء المخلوقين، فكيف بالاسم الدالّ على الخالق والمخلوق؟ فلفظ "الرسول" واحد، ومع هذا فلما قال:{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}[المزمل/ ١٦] وقال لنا: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ}[النور/ ٦٣] لم تكن صفةُ الرسالة وقَدْرُها المدلولُ عليها باسم الرسول في أحد الموضعين هي الصفة والقدر المدلول عليها به في الموضع الآخر.