وإما أن يكون بمعنى المسمَّى باسمِه، كما قال في قصة يحيى:{لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا}[مريم/ ٧]، فمن سمِّيَ باسم غيره فهو سميٌّ له، إذ الاسمُ هو مشتق في الاشتقاق التامّ من سَما يَسمُو، وإن كان في الاشتقاق الأوسط من وسَمَ يَسِمُ، كما قال ذلك من قاله من نُحاةِ الكوفةِ، كما بيَّنا أنواع الاشتقاق في غير هذا الموضع.
فسواءٌ كان السمِيُّ من التسمية أو المساماة فإن مرجعهما إلى شيء واحد، فإن المسمَّى باسم الشيء هو مُسامٍ له وإن لم يقصد ذلك، والمُسَامِي للشيء لا بدَّ أن يُسمَّى بأسمائه، إذ المراد بالاسم في هذه المواضع ليس هو مجرد اللفظ الذي يكون عَلَمًا كأسماء الأعلام، وإنما المراد بالأسماء ما يدلُّ على نُعوتِ المسمَّى وصفاتِه، فإن الاسم يرفعُ المسمَّى ويُعلِيه، وإذا ارتفع وعلا ظهر وتجلَّى، وذلك هو وصفُه وإظهارُ ما فيه. وهذا هو الذي عابَه الله تعالى على من سَمَّى الأوثانَ بأسماءٍ {مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ}[النجم/ ٢٣].
ولهذا كان أسماء الله الحسنى صفاتٍ له قولية، وهي دالةٌ على صفاته المعنوية، فيكون الله تعالى قد نفَى الإمكانَ أن يكون للهِ من يُسمَّى بأسمائه أو يُسامِيه، وهذا لا يُنافي ما ذكرناه أولًا مما في كتاب الله تعالى أن الله تعالى سمَّى نفسه بأسماءٍ وسمَّى بعضَ مخلوقاتِه بتلك الأسماء، لأنا قد بينّا فيما تقدم ما في الأسماء من الدلالة على المشترك والمميز، ونحنُ نُلخِّص في هذا المكان مقصوده:
وهو أن أسماء الله - مثل العليم والقدير والرحمن والرحيم - دالة على نفسه المقدَّسةِ بما لها من نفسِ علمِه وقدرته ورحمته، وهذا الاسم الذي دلَّ على هذا المعنى لا يجوز أن يُسمَّى به سِواه أصلًا، وإذا أطلقناه