للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبكِ (١)، إن أمنَّ الناس عليَّ في صحبتِه ومالِه أبو بكر، ولو كنتُ متخذًا خليلًا لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلًا، ولكن أخوة الإسلام ومودَّته. لا يَبقَينَّ في المسجد خَوخَة باب إلَّا سُدَّ إلّا باب أبي بكر".

وكذلك رواه البخاري (٢) عن عكرمة عن ابن عباس قال: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مرضِه الذي ماتَ فيه عاصِبًا رأسَه بخِرقةٍ، فقعَد على المنبر، فحمِدَ الله وأثنى عليه ثم قال: "إنه ليس أحدٌ من الناس أمنَّ عليَّ في نفسِه ومالِه من أبي بكر بن أبي قُحافة، ولو كنتُ متخذًا من الناس خليلًا لاتخذتُ أبا بكر خليلًا، ولكن خُلَّةُ الإسلام أفضلُ. سُدُّوا عني كلَّ خوخةٍ في هذا المسجد غير خَوخَة أبي بكر".

وقد كان هذا الجنس من الاستشكال والمعارضة يُورَد على النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فبيَّنَ عدمَ ورودِه، مثل ما في الصحيحين (٣) عن عائشةَ قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن نُوقِشَ الحسابَ عُذِّبَ قلتُ: يا رسولَ الله، أوَليسَ يقولُ الله تعالى في كتابه: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق/ ٧ - ٨]. فقال: "ذلك العرضُ".

ولا ريبَ أن حديثَ النبي صلى الله عليه وسلم لا يُعارِضُ هذه الآية، فإنما قال: "من نُوقِش الحسابَ عُذِّب"، والآيةُ إنما (٤) فيها ذكر الحساب اليسير ليس فيها المناقشة، لكن لما أثبتَ القرآنُ حسابًا للسعيد ظنَّ المستمعُ أن ذلك من المناقشة في الحساب، وليس كذلك. فزادَه النبي صلى الله عليه وسلم بيانًا أن ذلك


(١) في الأصل: "لا تبكن".
(٢) رقم (٤٦٧).
(٣) البخاري (٦٥٣٦) ومسلم (٢٨٧٦).
(٤) في الأصل: "انها".

<<  <  ج: ص:  >  >>