للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ليعلم أن ليس في السلف من أنكره أو دَفَعه، بل اتفق العلماء والفقهاء على رواية أصله في الجملة؛ إذْ كان فيه أمرٌ ونهيٌ لا يُمكِنُ الفقهاءَ تركُه، وهو نهيُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه وتقبيحه، فاحتاجوا إلى ذلك ليُبيِّنوا أنه لا يجوز ضرب الوجه في الحدود والتعزير، ولا في المقاتلة، حتى إن مالكًا رحمه الله احتاج إلى روايته، فرواه عن ابن عجلان أيضًا، وكنى عنه (١) لكن تركَ روايةَ الجملة الثانية. ورواه البخاري في صحيحه (٢) من طريقه هكذا. وقرن معه رواية همامٍ، لكن ذكر البخاري رواية همام في خلق آدم (٣) بتمامها.

فقال البخاري (٤): (باب: إذا ضرب العبدَ فليجتنبِ الوجهَ) ثنا محمد بن عُبيد الله، ثنا ابن وهب، حدثني مالك بن أنس قال: وأخبرني ابنُ فلان عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثني عبد الله، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه".

وهذا شطر الحديث، ومعلومٌ أن هذا الشطر الذي رواه الناس كُلُّهم، [و] اتفق العلماءُ على تلقيه بالقبول والعمل به، يُبطِلُ جميعَ التأويلات الفاسدة التي نُقلت في الشطر الآخر، وهذا من حكمة الله [و] حِفْظِ الله للذكر الذي أنزله على رسوله، فإن قوله: "خلق آدم على صورته" لم يُنازِعْ أحدٌ من العلماء في صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل رواه


(١) سبق ما فيه.
(٢) برقم (٢٥٥٩).
(٣) برقم (٣٣٢٦).
(٤) في صحيحه مع الفتح (٥/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>