للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثَّلتْه بالمعدوم، فكانت أضلَّ ممن مثَّله بالموجود الشيء، وكانوا مع ذلك معطلة عطَّلوا صفاته بإقرارهم واعترافهم، وعطَّلُوا حقيقتَه بما هو لازمٌ لهم. كما قد (١) بيَّنا أن إثباتَ المثلِ له بوجهٍ من الوجوه يُوجِب التناقض في نفسه، فرفعُ الصفات بالكلية ونفيُ وجود معنى مشترك ومشابهةٍ بوجهٍ من الوجوه متناقض أيضًا في نفسه. ثم هذا يقتضي عدمه، وذلك يقتضي نقصه، فلهذا كان التعطيلُ شرًّا من التمثيل.

وإنما تناقض لأن من (٢) أثبته موجودًا عالمًا قادرًا، وقد علم أن في خلقه موجودًا عالمًا قادرًا، إن لم يُثبِتْ لوجودِه خصائص الوجود، ولعلمِه خصائص العلم، ولقدرتِه خصائص القدرة، وهو أن يكون وجودُه ثابتًا متميزًا بنفسه عن غيرِه من الموجودات ذي حقيقة ثابتةٍ بحقيقة الإثبات، ويثبت لعلمه خصيصة الإدراك والتمييز والمعرفة والإحاطة بالأشياء، ولقدرتِه خصائص القدرة التي بها يفعل الأفعال = وإلّا لم يُثْبِت موجودًا ولا عالمًا ولا قادرًا، ومتى أثبت هذه الخصائص فمن المعلوم بالضرورة أن لأحدنا منها نصيبًا، فإن لنا وجودًا وعلمًا وقدرة، [و] لنا ثبوتٌ (٣) محقق، وتمييز وقدرة بها نفعل، فإن رفعت هذا المطلق المشترك فقد عطَّلتَ الذات بالكلية وجعلتَها معدومةً بعد إقرارك بوجودها، وهذا تناقض، وهذا المعنى قد أوضحناهُ فيما تقدم.

فإذا زاد (٤) المثبِتُ وجعل بينه وبينَ غيرِه مماثلةً من بعض الوجوه،


(١) في الأصل: "وإذا كما قد".
(٢) في الأصل: "ما".
(٣) في الأصل: "لنا ثبوتًا".
(٤) في الأصل: "اراد".

<<  <  ج: ص:  >  >>