للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا فإن هذا من المعلوم الذي يعلمه الجميع (١) أنَّ بعض بني آدم مخلوقون على صورة سائرهم، من آدم وإبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم، فلو أُريد بتعليل التَّقبيح هذا لقيل: هذا التقبيح يتناولُ آدم، ويشملُ الأنبياءَ والصالحين، أمَّا نفسُ الإخبار بأنه (٢) الخَلْق المعلومُ فلا يَصلُح ولا يَحسُنُ. كما لو شتم رجلٌ رجلًا، بأن قال: قبَّح الله بدنًا أشبهَ بدنَك، أو أعضاءً أشبهتْ أعضاءك أو رأسًا أشبهَ رأسك، لكان يُقال: هذا شتمٌ لجميع البشر من النبيين والصديقين، ولا يقال: بأن الله خلق آدم على بدن هذا، ولهذا لا يحسن: لا تُقبِّحوا أو لا تضرِبوا، البدن ولا الرأس ولا الأعضاء؛ فإن الله خلق آدم على رأسه أو بدنه أو أعضائه.

وأيضًا فلو نهى عن ذلك لما فيه من شتم الأنبياء لذكر جميع الانبياء؛ إذْ فيهم من هو أفضلُ من آدم، لا يخُصُّ آدم بذلك، وإنْ كان هو الأبُ؛ لأنَّ المقصود بيان (٣) ما في اللفظ من شتم الأنبياء والصالحين على ما ذكروه، لا نفسُ الإخبار بالأمر المعلوم لكلِّ أحدٍ.

وكذلك كونُ آدم خُلِقَ على صورة آدم، هذا لا يناسبُ النهيَ عن ضربه أو تقبيحه، سواءٌ قيل: على الصورة التي كانت في علم الله وكتابه، أو على صورة الطين، أو صورتِه ابتداءً، لم يُنقَل من صغر إلى كبر، كما خُلِق أولادُه، أو نحو ذلك من الأمور التي تُذْكَرُ في معنى قول القائل: خلق آدم على صورة آدم، ليس شيءٌ [من] ذلك مما يصلحُ أن يكون علَّةً للنهي عن ضرب الوجه وتقبيحه، فإن ظهره وبطنه وسائر أعضائه التي


(١) في الأصل: "جميع".
(٢) في الأصل: "بأن".
(٣) في الأصل: "بان".

<<  <  ج: ص:  >  >>