هذا الإنسانُ سَمِيُّ هذا، وهذا السواد سميُّ هذا، وهذا العالم سميُّ هذا، لتماثلهما في العلم وإن تفاوتَا في غيره.
وأما إن كان المسمَّيان غير متماثلين في شيء من الأشياء لم يكن أحدُهما سميًّا للآخر بحالٍ، فإذا قيل لجبريل: الروح، وقيل: الذبابةُ فيها روحٌ، لم تكن روحُ الذبابة سميًّا لجبريل الذي اسمُه الروح، وإذا [قيل] عن جبريل: {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}[التكوير/ ٢١]، وقيل عن بعض أهل الكتاب:{إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}[آل عمران/ ٧٥] لم يكن هذا الأمين سميًّا لذلك الأمين، وذلك لأن اللفظ دلَّ على أن بينهما تشابهًا من بعض الوجوه، وهو أصل الأمانة، وأما حقيقتها وصفتها وقدرُها فلم يشتبها فيه، فلم يكن اسمُ أحدهما دالًّا على مثل مدلول اسم الآخر، فلم يكن سميًّا له.
فالله تعالى هو السميع البصير، فإذا سُمِّي بعضُ مخلوقاته بالسميع البصير لم يكن مدلولُ اسمِه تعالى مِثْلًا لمدلولِ اسم ذلك المخلوق بوجهٍ من الوجوه، فإذا لم يكن مُسمَّى السميع البصير الذي هو الذات والصفة مِثْلًا لذلك، لا الذات مثل الذات ولا الصفة مثل الصفة، امتنع أن يكون اسمُ هذا يُقال على هذا، وأن يكون سميًّا له، وإن كان من مدلولِ الاسمين تشابهٌ من بعض الوجوه. والتشابه ليس هو التماثل بوجهٍ من الوجوه، فإن الشيء قد يُشبِه ما يكون مخالفًا له، إذ ما من شيئين إلّا وقد يَشتبهانِ ولو في أدنى شيء، ولو أن في أحدهما غير الآخر وخلافه وضدّه، ومثلُ هذه المشابهة لا توجب تماثلًا بوجهٍ من الوجوه، بل رفعُ الاشتباه من كلِّ وجهٍ يقتضي عدم أحدهما. وقد قدّمنا كلام العلماء في ذلك، وامتناعَ محققيهم أن يَنْفُوا المشابهةَ من كل وجهٍ، وإن نفَوا