الأثبات بدلًا من الأخذ عن أهل البدع أو بعض أهل العربية الذين يتكلمون بنوع من الظن والهوى، وقارنَ بين الاستشهاد على معاني القرآن بألفاظ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وألفاظ الصحابة والتابعين وبين الاستشهاد بشعرٍ لم يُروَ بإسناد ولم يُعرف قائله. وتوصَّل إلى بيان استقامة هذه الطريق (طريق الاحتجاج بالآثار) وأنه لا طريق يقوم مقامها. وأطال في بيان ذلك من وجوه متعددة، وبيانِ فساد الطرق الأخرى في فهم معاني القرآن وتفسيره. وذكر أن من عَدَل عن التفسير المأثور فأحد الأمرين لازمٌ له: إما أن يَعدِل إلى تفسيره بما هو دون ذلك، فيكون محرِّفًا للكلم عن مواضعه، وإما أن يبقى أصمَّ أبكم لا يسمع من كلام الله ورسوله إلَّا الصوتَ المجرد، وكل من هذين باطل. ثم بيَّن وجهَ بطلانهما.
ثم انتقل إلى النقطة الثانية، وهي بيان وجوب قبول الأخبار الصحيحة، فقسَّم الأخبار ثلاثة أقسام: متواتر لفظًا ومعنىً، ومستفيض متلقًّى بالقبول، وخبر الواحد العدل الذي يجب قبوله. وتكلَّم عن كل قسم بتفصيل، وبيَّن إفادته العلم.
ثم انتقل إلى بيان صحة الاعتقاد الراجح بها، وأنه لا فرق فيها بين المسائل العلمية والخبرية، ولا يُردُّ الخبر في باب من الأبواب سواءً كانت أصولًا أو فروعًا بكونه خبرَ واحد.
إلى هنا كان الجواب عن السؤال الأول الوارد في أول الكتاب. ثم بدأ (ص ٥٤) في الجواب عن السؤال الثاني، وهو قوله:"ليست الأحاديث نصوصًا في ذلك، بل هي ظاهرة قابلة للتأويل". وقد أجاب عنه أولًا بجواب مجمل ثم بجواب مفصل. وأنكر أن يكون في القرآن أو الأحاديث الثابتة ما ظاهره ممتنعٌ في العقل، ولا يقدر أحدٌ أن يأتي