الْمِحَالِ} [الرعد/ ١٣]، وأصابتْه صاعقةٌ فأذهبتْ بقِحْفِ رأسِه (١). فأهلك الله تعالى من سأل عن مجانسته المخلوقات. وهو من جنس سؤال فرعون {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء/ ٢٣]، فإنه لا يمكن أن يذكر أن الله تعالى أو شيئًا من المخلوقات يشتركان في الحقيقة الجنسية، كاشتراك الإنسان وسائر الحيوان في الحيوانية، أو كاشتراك الحيوان والنبات في النموّ والاغتذاء، ولا كاشتراك الأجسام النامية والجامدة فيما تتجانس فيه. ومن سأل عن ذلك فهو كمن سأل عن نسبِه وقال: مَن أبوه ومَن ابنُه؟
ولهذا أنزل الله تعالى سورة الإخلاص التي هي نسبتُه وصفتُه، فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، فنزَّهه وقدَّسه عن الأصول والفروع والنُّظَراء والأمثالِ. وليس في المخلوقات شيءٌ إلا ولا بدَّ أن يُنسَب إلى بعض هذه من الأعيان والمعاني، فالحيوان من الآدمي وغيرِه لا بدَّ أن يكون له إما والدٌ وإما مولودٌ وإما نظيرٌ هو كفؤه، وكذلك الجن والملائكة، ولهذا قال سبحانه:{وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[الذاريات/ ٤٩]، قال بعض السلف: لعلكم تذكَّرون فتعلمون أن خالق الأزواج واحدٌ.
وقال تعالى:{وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ}[الفجر/ ٣]، قال مجاهد: كل شيء خلقه فهو شفع، السماءُ شفعٌ والأرض شفع، والوتر الله تعالى. وهذا هو
(١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (١١٢٥٩) والبزار كما في كشف الأستار (٢٢٢١) وأبو يعلى (٣٣٤١، ٣٣٤٢، ٣٤٦٨) والطبري في تفسيره (١٣/ ٤٨٠) وغيرهم عن أنس بن مالك.