يمتنع عليه. وهذا حدُّ المِثلين عند أهل النظر، وهو أنه يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويمتنع عليه ما يمتنع على الآخر، ويجب له ما يجب له.
وقد يُعبِّرون عنه بعبارة أخرى: هو ما سَدَّ أحدُهما مَسَدَّ الآخرِ وقامَ مقامَه. والعبارتان تؤديان إلى حقيقةٍ واحدةٍ، فإن الماء يَسُدُّ مَسَدَّ الماء في الحقيقة، وكذلك التراب، وكذلك العظم واللحم ونحو ذلك، ويشتركان في الواجب والجائز والممتنع في الحقيقة. فلو كان في المخلوقات ما هو عِدْلٌ أو مِثْلٌ للبارئ في الحقيقة والصفات - وإن كان أصغَر منه في القدر- لجازَ على البارئ، ما يجوز عليه من العدم والفقر إلى الصانع والحدوثِ، وأنه بنفسِه ممكنٌ مفتقرٌ إلى من يُوجِدُه ويُوجِب له ما يجب للبارئ من القدم والقيام بنفسه والاستغناءِ عن خالقٍ والصمديةِ، ولجاز عليه ما يجوز على من خلق الخلقَ وأبدعَ العالم، وامتنعَ على العبد من العدم والموتِ والحاجةِ ما يمتنع عليه. فيلزمُ أن يُوصفَ كلٌّ منهما بالصفات التي لحقيقة الآخر. وهذا مع أنه محالٌ في حقِّ الرب أن يكون موصوفًا بالصفات التي لحقيقة العبد، ومحالٌ في حقّ العبد أن يكون موصوفًا بصفات حقيقة الرب، فإنه متناقض إذا فُرِض تماثلُهما وتساويْهما في الصفات مع كون أحدهما خالقَ الآخر، فيجب أن يكون كلٌّ منهما خالقًا مخلوقًا، فيجب أن يكون الخالقُ قد خلق [خالقَ] نفسه إذ كان مثله، وخَلْقُه لنفسه محالٌ، فكيف بخالق نفسه؟ ويجب أن يكون الخالقُ مخلوقًا لمخلوقِه، وهو ممتنع عليه أن يكون مخلوقًا لنفسه، فكيف لمخلوقِهِ؟
وهذا هو السؤال الذي يُقال: إن بعض ملوك الهند أورده على بعض