للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المسألة التي نحن فيها لا بدَّ فيها [من ذلك]، إمَّا من جانب النفي والنهي، وإما من جانب الإثبات؛ فالمُثْبِتَةُ تجدُ في النُّفاة من هو عظيمٌ عندها، والنُّفاةُ تجدُ في المُثْبِتَةِ من هو عظيمٌ عندها، فلا بُدَّ من رعاية حق الله بالواجب في الإثبات أو النفي، والأمر والنهي، وحقِّ عبادِهِ المؤمنين، بما لهم من إيصال حقوقهم إليهم، من المحبَّة والموالاة وتوابع ذلك، واجتناب البغي والعُدوان عليهم.

وقد حَملتْ طائفةٌ ثالثةٌ نهيَ مالك لرواية هذا الحديث على العموم، وقد رُوِي عنهم أنَّه كَرِه رواية أحاديثَ في هذا الباب، فجعلوا هذا قُدوةً في المنع من رواية أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة (١) عنه، ثمَّ يُنزِلون ذلك على رأيهم، فمنهم من يجعل ذلك عامًّا في رواية جميع أحاديث الصفات، كما يقوله من يقوله من المعتزلة ونحوهم من الجهميَّة، من النهي عن رواية هذه الأحاديث والتكذيب بها، كما يفعلون ذلك في مُكْنتِهم، كما فعلوه في إمارة أبي إسحاق (٢) ونحوه، ومنهم من يَخُصُّ ذلك ببعضها.

وفي الجملة فالكلام في حق رواية الأحاديث وقُبح ذلك فيه تفصيلٌ ليس هذا موضعه، والذين قَبِلوا (٣) هذا قد يوافقونهم على أنَّ هذا كان مقصودَ مالك؛ لكون ذلك سببًا للقدح فيه، ولنظرائه وأصحابه من أئمة الفقهاء فيه من الكلام، فلا أُحبُّ ذكره هنا.


= السلف في التحذير من زلّات العلماء تُراجع في مواضعها.
(١) في الأصل: "إنما عنه"!
(٢) يعني المعتصم العباسي.
(٣) في الأصل: "قبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>