الثاني: أنه قياس في اللغة, وقد علمت أن القياس في اللغة لا يصح.
والجوابان لا يستقيمان؛ لأن الأول مكابرة, وأيضًا: لم يلتزمه أحد منهم. وأما الثاني؛ فلأنه على ذلك التقدير استقرائي, لا أنه قياس في اللغة.
قال المصنف: والحق في الجواب الفرق.
قال الآمدي: إذا قال: «رطبًا جنيا» إنما يخبر عما شاهده, ولا يلزم ألا يكون شاهد ما ليس على هذه الصفة, وإذا قال لعبده: «اشتر رطبًا جنيًا» بعد علمه أن الرطب البايت مما يباع في السوق, فقوله ذلك إنما قصد بن تبيين ما يشتري مما لا يشتري, فكان النفي ملازمًا للإثبات, بخلاف الخبر.
وتقرير ما قال المصنف: [أن الخبر في قوله: «في الشام الغنم السائمة» , وإن لم يدل على أن المعلوفة مخبر عنه - كما قال المصنف -] وإن دلّ على أن المسكوت عنه غير مخبر به, وإلا لدلّ ما لا يتناهى لأنه مسكوت عنه.
فصوابه: وإن لم يدل على أن المعلوفة مخبر عنه, فلا يلزم ألا يحصل العلم به؛ لأن الخبر له خارجي وهو متعلقه, فيجوز ثبوته مع عدم الإخبار عنه, وعدمه مع الإخبار به, بخلاف الحكم الخارجي له كذلك حتى يجري فيه ما جرى في الخبر؛ لأن متعلق حكم الشارع يتوقف ثبوته ونفيه على الشارع, لأنه لا يعلم إلا منه, فاستلزم الإثبات النفي.
وحاصل الجواب: لا نسلم أنه لو ثبت في الحكم لثبت في الخبر؛ لأن العلة في الحكم التقييد بالصفة مع عدم أمر خارجي, وهذا المعنى غير موجود في الخبر, فلا يلزم من الدلالة في الحكم الدلالة في الخبر.