قيل: كأن القائل بعدم السماع نظر إلى خلاف ما أقر به المعترض أولا، فإن نقض العلة بدون وجود الوصف في صورة النقض لا يتصور، ونقض دليل العلة لا يتصور إلا عند عدم الوصف في صورة النقض.
رد: بأن المعترض إنما نقض دليل العلة بعدم وجود الوصف في صورة النقض على زعم المستدل، فلا يلزم خلاف ما أقر به أولا، هذا إذا ادعى انتقاض دليل العلة عينا، أما لو ادعى أحد الأمرين، فقال: يلزمك إما انتقاض العلة أو انتقاض دليلها، وأيا ما كان فلا تثبت العلية، كان مسموعا إذا عدم الانتقال ظاهر.
الثاني: م لو منع المستدل تخلف الحكم في صورة النقض وهو وارد.
واختلفوا: هل للمعترض إقامة الدليل على عدم الحكم؟ .
قيل: له ذلك، إذ به يحصل مطلوبه، وقيل: لا؛ لأنه انتقال.
وقيل: له ذلك إذا لم يكن له طريق أولى بالقدح.
إذا عرفت ذلك، فاعلم أنهم –أيضا- قد اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل أن يحترز في متن دليله من النقض، بأن يذكر قيدا يخرج صورة النقض؟ . فقيل: يلزمه لئلا تنتقض العلة.
وقيل: يلزمه إلا في المستثنيات لأنها ترد على علة، فإذا قال في الذرة:"مطعوم؛ فيجب التساوي في بيع بعضه ببعض كالبر"، ولا حاجة إلى أن يقول، ولا حاجة تدعوا إلى عدمه لتخرج العرايا، فإنه وارد على كل تقدير سواء عللنا بالطعم، أو الكيل، أو بالقوت، فلا تعلق له بإبطال مذهب وتصحيح آخر.