واستدل على أنها توقيفية بقوله تعالى:{ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم} وليس المراد الجارحة, إذ لا كبير اختلاف في العضو, وإذ بدائع الصنع في غير اللسان من العين والأذن أكثر, بل المراد اللغات تسمية للشيء باسم محله, أي من آياته خلق اختلاف لغاتكم, وكونه فاعلًا لاختلاف الألسنة من غير واسطة أبلغ, وإلا كانت من آيات غيره /.
أجاب: بأن الحقيقة التي هي الجارحة لما لم تكن مرادة, جاز أن يكون المراد من الألسنة القدرة على الوضع, وحينئذ التوقيف عليها بعد الوضع وإقدار الخلق على وضعها في كون اختلاف الألسنة آية من آيات الله سواء.
لا يقال: الحمل على اللغات أولى لما ذكرنا أولًا, ولأنه مجاز مشهور ولزيادة الإضمار في الحمل على الإقدار؛ [إذ المعنى حينئذ]: ومن آياته [الإقدار على وضع لغاتكم, ولما يلزم من اختلاف الإقدار] , لقوله:{واختلاف ألسنتكم} وهو واحد؛ لأنه معارض بأن القدرة على اللغات أقرب إلى المفهوم الحقيقي؛ لأن القدرة واسطة بين المفهوم الحقيقي واللغات, والأقرب إلى الحقيقة أولى, فتتعارض وتبقى المساواة.
قلت: والحق أن قوله: والمراد اللغات باتفاق لا يصح.
نعم الجارحة ليست مرادة باتفاق, لكن لا يلزم إرادة اللغات؛ لأنه